أسامه عبد الماجد يكتب: خطاب كامل.. (10) ملاحظات

أولاً: أظهر رئيس الوزراء د. كامل إدريس قدراً كبيراً من الاعتدال والوسطية وطمأن الشعب السوداني في اول ظهور له امس .. حتى قبل وصوله حين قدِم الى البلاد من المدينة المنورة بزيارته للنبي الكريم..
ثم سجوده عندما وطأت اقدامه تراب الوطن.. وامس افتتح خطابه بايات من الذكر الحكيم وبشعار “امل يتجدد في وحدتنا”.. وربما عمد ارسال رسالة لجهات اتهمته بالعلمانية واخري زعمت انتمائه للحزب الجمهوري.
ثانياً: حدد اولويات حكومته في (6) نقاط.. الأمن القومي و فرض هيبة الدولة / ادارة الفترة بكل كفاءة/ الاستقرار والسلام/ الاقتصاد ومعاش الناس/ اعادة الاعمار وجبر الضرر وإعادة هيكلة الدولة/ الاستشفاء الوطني، بدواء الحوار السوداني السوداني ونبذ الجهوية والعنصرية.
ثالثاً: لوّح كامل في ختام خطابه بكتابين.. احدهما يحوي رؤيته القومية المتكاملة والثاني خاص بآلية انفاذ تلك الرؤية.. حال افترضنا ان الكتاب الأول كان قد دشنه قبل سنوات في لندن.. فان الثاني يبدو اعده مؤخراً بما يتماشى ومرحلة الحرب.
هذا يعني ابلاغه منذ وقت مبكر باختياره للمنصب مما مكنه من ترتيب أوراقه.. سيما وانه زار بورتسودان في يونيو من العام الماضي وبالتالي اخذ نصيبه في التباحث مع الرئيس البرهان وربما وضعا آلية تنفيذ الرؤية سويا او شاوره بشأنها.
رابعاً: اتفاق تام بين كامل والرئيس بشأن التعامل مع مليشيا حميدتي.. خاطب البرهان قبل يوم من كلمة كامل، احتفال جهاز المخابرات بتخريج دفعة تأهيلية.. أكد خلاله ان المعركة مستمرة ولن تتوقف الا بالقضاء علي مليشيا أولاد دقلو..
بينما وضع كامل، (هيبة الدولة) في المرتبة الثانية ضمن أولوياته العاجلة.. ورهن ذلك بالقضاء تماماً على التمرد.. واضاف اليه ما اسماها بـ (المليشيات المتمردة) وتفسيري انه يقصد حركتي الحلو وعبد الواحد.. وهذا التوافق التام بخصوص المليشيات يبعث على الطمأنينة.
خامساً: أخذت الحرب حيزاً مقدراً في الخطاب وباشكال مختلفة.. بدءاً من توصيفه لمعركة الكرامة بـ (معركة وجودية).. متفوقاً بذلك حتى علي عسكريين.. كما ازجى الشكر للقوات المسلحة والمساندة لها.. وللمفارقة لم ينس أي جهة حتى من شارك بماله وفكره وقلمه.. وهذا التوصيف الدقيق للحرب مهم في هذا التوقيت.
سادساً: سيجد إدريس انه مضطراً لتقديم ايضاحات بشأن داعمي المليشيا.. لأنه ضمن الاولويات فيما يلي الأمن القومي.. ذكر انه سيحث الدول التي تخطط وتمول وتُعاون في التنفيذ وتدعم المليشيات على التوقف تماماً عن هذة العمليات الإجرامية.. وهنا يقفز السؤال كيف سيحثها، هل سيتحاور معها؟.
سابعاً: خرج كامل عن مهام اي رئيس وزراء (معاش الناس، بسط الأمن والتنمية).. باعلانه اعادة هيكلة الدولة، مما يضعه امام تحدٍ كبير.. كيف سيتم ذلك؟ وهل الخطوة، مشروع داخلي ام جاء به من الخارج؟..
وطالما تحدث عن الملف بشفافية هل تشمل اعادة الهيكلة المؤسسات النظامية.. وكذلك وضع نفسه أمام تحدٍ آخر.. بتعهده مكافحة الفساد، “وكمان قال بكافة اشكاله والوانه”.. وهذا ملف سيثير عليه غضب مراكز النفوذ والمستفيدين.
ثامناً: كذلك خرج إدريس عن مهام منصبه.. بإعلانه الشروع في تحقيق ما اسماه بـ “الاستشفاء الوطني” باطلاق الحوار السوداني السوداني.. وهذا سيدخله في مواجهة قد تتحول الى علنية مع القوى السياسية.. التي لفت انتباهها الى وقوفه منها على مسافة واحدة.. ثم ان كامل مطالب بتفسير لايستثني احد – كما قال – وهل يشمل قحت بكافة مسمياتها، وهى الذراع السياسي للمليشيا.
تاسعاً: مدّ إدريس يده الى المجتمع الدولي والمنظمات الدولية والإقليمية.. وقدم لهم الشكر علي وقوفهم الى جانب السودان.. وفي العلاقات الخارجية اعلن تركيزه علي أهم جزئية وهي دول الجوار والمحيطين العربي والافريقي.. وفي ذلك اشارة الى تفاوض محتمل مع تشاد وربما كذلك كينيا وتشاور مع الجنوب.
عاشراً: حاول كامل التأكيد انه من الشعب واليه.. وذلك بتحيته للسودانيين في القرية قبل المدينة والسودانيين في “الحلّال”.. ولكن بدأ وكأنه يخشي مواصلة الرافضين له انتقاده.. فابدى زهده بالقول “انا لا أريد مجدا شخصياً”..
واظهر تواضعاً ” انا لا أريد ان اكون حاكماً يخدمه الشعب، بل اريد ان اكون خادماً يحكمه الشعب”.. كما “عشمهم” بجبر الضرر.. ورغم ذلك افتقر كامل الذكاء الاجتماعي بعدم ارتداء (الجلباب والعمة).. لحظة وصوله أويوم أداء القسم أو عند اول اطلاله له.
0 ومهما يكن من امر.. فان الشعب سيبدا يُصحح كراسة كامل اعتباراً من امس.. فهل سنعبر وننتصر؟.