الإصدارات الأدبية.. هل لها أثر في وعي الشعب السوداني؟
الإصدارات الأدبية.. هل لها أثر في وعي الشعب السوداني؟ |
مطبوعات كثيرة من الكتب والروايات للكتاب ودواويين شعر للادباء السودانيين تضج بها المكتبات في السودان وخارجه . قبل الحرب وبعدها هناك كتاب اصدروا كتبا في دور نشر عربية وعالمية . ومشاركاتهم لم تنقطع في معارض الكتاب وفي الندوات .
ولكن بقدر طباعة هذه الكتب والروايات هل يكون لذلك أثرا على الشعب السوداني . وهل يستفيد الشعب من محتوى هذه الاصدارات المتكررة واكثرها مهمة وتحمل في صفحاتها الكثير المثير من قضايا مهمة من شأن القارئ الاستفادة منها .
(1)
اغلبنا يلاحظ هشاشة الوعي وضعف الانتماء للقيم والمبادئ الوطنية والانسانية عند المواطن السوداني وذلك ما يستعجب منه المثقفين وغيرهم عن اثر الادب على الشعب .يظل السؤال عن أثر الأدب على ثقافة وسلوك المجتمع.
فيذهب كثير من النقاد إلى أنه لا يمكن الحديث عن ثنائية ضدية تدور حول من يتأثر بمن في مسألة غاية في التعقيد ألا وهي التأثير المتبادل بين المجتمعات وكتابها، أو هل هناك تأثر بالأساس بينهما؟ ويرون أن الصعوبة تكمن في التركيز على تأثير طرف على آخر، فمثلاً حين نقول: هناك كتاب أثروا على شعوبهم، وهذه حقيقة تاريخية والشواهد كثيرة ومعروفة .
(2)
وأكد متابعين لحركة الثقافة ومدى تاثبرها على المجتمع ان هناك انفصام بين ثقافتنا وكتّابها. مايجعلنا ان نبحث عن حلول من شأنها أن تسهم في نشر الثقافة وتعزيزها والإقبال عليها كونها مصدر للمعرفة فيها الآداب والفنون والعلوم، لكن بشرط ان يتعيّن على الدّولة بعد الاستقرار ونهاية الحرب الظائرة في البلاد أن تتكفّل بضمانه؛ ما يستدعي مراجعة لمنظوماتنا التّربويّة والتّعليميّة ورؤانا الثّقافيّة ولمفهوم المواطنة.
ويرى الشاعر والتربوي اسعد عبد القادر التوم أن الأدب ينهضُ بِأدوار عدة؛ من بينها دورُه في تغْيير نظرةِ الفردِ لذاتِه، وترتيبِ علاقةٍ جديدة له مع الآخر، ومع المُجتمع. وقال: لطالما أسْعفتنا الأعمال الأدبية للاقتراب من أنْفسنا ودواخِلنا، وجعَلَتنا نفهمُها بشكلٍ أفضل، كما أعانتنا على تمثّلِ التجارب الإنسانية،
واستلهامِ خلاصاتِها الحياتية والمعيشية في تدْبير حالِنا وأحْوالنا، فكانت لنا مُعينًا على ارتِيادِ الآفاق والمَسالك، وتوْجيهِنا حيث يجِبُ أنْ نَمشي ونسير. وعدّ التوم أثَر رواية عظيمةمن روايات الطيب صالح، أو بيتٍ شعريٍّ كثيف من اشعار الفيتوري، أو عرض مسرحي الفاضل سعيد كافياً لإعادةِ النّظر في خُطَط الحَاضر والمستقبل، وتنْبيهنا لما يتعيّن تجنّبه، أو ما يجبُ القيام به
(3)
وفي كتاباته عن اثر الادب على الشعوب كتب الروائي الراحل عيسى الحلو أنَّ تأثيرَ الأدبِ وسَريان انواعه المُختلفة في شرايِين الشعوب وثقافاتها يتجاوزُ ما هو اجتماعي أو سياسي، ليبلغ ما هُو أعمق، وذلك في اللحظة التي ينجحُ فيها الأدب في بناء حساسيات جمالية وفنية جديدة، وتشكيلِ أفقٍ جديد قادر على مدِّ الجسور مع حياة الناس دون التفريط في المقتضيات الفنية والجمالية التي تظل عصب الأدب.
ويرى الشاعر محمد نجيب محمد علي أن الشعوب هي المادة الخام لصناعة الأدب، وهي صاحبة براءة إنتاجه ووجوده وحضوره في ما بعد على أيدي نخبتها من الكُتَّاب، وعدّ الشعوب مانحة صك مرور الكاتب لضميرها ومخيلتها؛ باعتباره متحدثاً رسمياً بالمسكوت عنه في وجدانها وعقلها الباطن،
مشيراً إلى تقديرها لموهبته في خلق عالمٍ موازٍ بصياغات خاصة ترفع عن كاهل المجتمعات سلطة مواجهة الحقيقة بشكل عارٍ ومباشر. وذهب إلى أنه من هنا يمكن تحديد العلاقة التبادلية بين الشعوب وكُتّابها أو الأدب والمجتمع في امتلاك سلطتي التأثير والتأثر بما ينتج من آداب وفنون.
(4)
يرى ادباء ان سياسة الحكومات وقناعات المجتمعات انعكاسا حتميّاً لرؤية ناشئة عن التأثير والتأثير المعاكس بين السياسة والثقافة. ويعتقدون أيضا أن الثقافة أسلوب حياة ونظرة إلى العالم. من منظور أخلاقيّ وكلّما كانت الثقافة مستقبليّة في رؤيتها، كلّما كانت حيّة،
والثقافة لها دورها الحضاري في تصحيح وعي الشعوب وإدراك مصالحها. واوضح عدد منهم أن ثقافة الشعوب تتأثر بأدب كتابها، اعتماداً على المنظومة التي تحكم الشعوب، وتقدم لها أدباً، مسرحاً، سينما، أغنيةً، مناهج تعليمية، إلى آخره،
وعدّوا هذه المنظومة إما إيجابية تعزز الوعي، وإما سلبية تغيّب الوعي، وثمّنوا الأدب الملتزم، الذي يحاكي تطلعات وأحلام الشعوب في الحرية والاستقلال والتقدم.