جدول المحتويات
الحرب تضع بصمتها على أهل الفن.. مبدعون ودعوا الدنيا
الحرب تضع بصمتها على أهل الفن.. مبدعون ودعوا الدنيا، منذ اشتعالها في الخامس عشر من ابريل في العام الماضي ابت الحرب الا ان تضع بصمة الحزن في كل المجالات الابداعية ، عام ونيف من الحرب قضى فيها أهل الفن والادب والثقافة بلحظات وجع والم كبيرين، حيث ودعت تلك الاوساط أجمل وانضر انجمها التي تلألأت حينا من الزمن في الوسط الفني والادبي والثقافي، والمسرحي والرياضي .
أثروا الحياة الابداعية بالعديد من أعمالهم،(السمحة) (16) شهر من الفجيعة و العديد من الصدمات والأخبار المفجعة، رحل مبدعون بعد أن منع رصاص الحرب المستمرة الآلاف من محبيهم من توديعهم كما درجت العادة قبل الحرب.وبسبب سقوط قذائف في منازلهم، أو أماكن تواجدهم، أو لعدم حصولهم على العلاج والرعاية الصحية بسبب الظروف الأمنية الخطيرة في مدن العاصمة الثلاث.
حيث رحل خلال الحرب عدد من عمالقة الفن والادب والثقافة، كل الذين رحلوا كانت لهم بصمات وصولات وجولات كل في مجاله ، ومكانته الابداعية التي برع في أن يكون مبدعا يشار إليه بالبنان ،الا أن العزاء فيما تركوه من إرث ضخم ينهل من معينه الأجيال المتعاقبة
وداع النوارس:
والحرب تشتد رحاها وهي في بداياتها اختطف الموت الفنانة الشابة شادن محمد حسين بعد أن سقطت قذيفة بمنزلها في مدينة أم درمان، لتنهي مسيرة من العطاء الفني الإبداعي الذي تخطت به حدود السودان وأحدث ردود فعل واسعة في الأوساط الفنية في أوروبا بسبب لونيته التراثية المتميزة.
ومن بين الأوراق المتساقطة بالرحيل من حقل الفنون والغناء غيب الموت الموسيقار السوداني المطرب محمد الأمين بمستشفى الأكساندريا بولاية فرجينيا بالولايات المتحدة الأمريكية ويعتبر محمد الأمين، أحد أيقونات الغناء والموسيقى السودانية المعاصرة، ومن أكثرهم صيتاً، وله دور كبيراً في تطوير الموسيقى السودانية ونشرها خارج السودان.
كما ودع الوسظ الغنائي الفنان الكبير محمد ميرغني، عن عمر ناهز 78 عاماً، بعد معاناة مع المرض، أثناء وجوده في العناية المركّزة في مستشفى الشرطة بمدينة ودمدني، عاصمة ولاية الجزيرة التي نقل اليها بعد ان تعذر علاجه بالعاصمة الخرطوم.
توفي وفي رصيده أكثر من 200 أغنية خاصة للشعراء إسماعيل حسن، السردوليب، السر قدوور، صلاح محمد إبراهيم، مصطفى سند، التيجاني الحاج موسى وغيرهم. محمد ميرغني هو أخ غير شقيق من ناحية الأم، للشاعر والأديب السوداني الدبلوماسي محمد المكي إبراهيم . واثر سقوط قذيفة على منزله بحي البوستة بام درمان توفي الملحن الشهير حمدان ازرق
وقدم الراحل ألحانه لمجموعة كبيرة من الفنانين، منهم ندى القلعة “صافية لبن” وحسين الصادق “أخّر قيامك، التي كتب كلماتها أيضا” وحرم النور “ما بسألك” وإنصاف مدني وجمال فرفور وغيرهم.
رحيل صانعي الفرح
والموت يختار الاخيار وله ذوق في الاختيار فتوقف عند محطة قبيلة الدراميين وقد انتقل الى الرفيق الاعلى الفنان والممثل الكوميدي عضو فرقة تيراب المسرحية، عادل فرج الله، بمستشفى الشرطة بمدينة كوستي بعد علة مرضية لم تمهله طويلاَ.
ويعد الراحل من أبرز أعضاء مجموعة (تيراب) التي عمل معها سنوات طويلة ووضع بصمته الفنية بأعماله المميزة .. كما توفي الفنان الدرامي الشهير بمدينة القضارف (نبيل متوكل) بعد معاناة طويلة مع المرض .قدم متوكل للدراما السودانية اعمال عديدة ومتنوعة في قوالب درامية مختلفة وراسخة لدي المشاهد للدراما السودانية .
ظل خلال اكثر من ثلاثة عقود يبدع ويمتع مؤديا رسالة الفن حتي مرضه الذي ابعده عن العمل الفني لسنوات عديدة.كما غيب الموت الفنانة آسيا عبدالواجد، أرملة الشاعر الكبير محمد الفيتوري بعد أن أصيبت بشظية وقدتم دفنها داخل مبنى مؤسسة تعليمية تمتلكها بالخرطوم بحري
اوجاع الشعراء
وقد طالت الاحزان الاوساط كافة حيث زار ملك الموت ساحة الشعر والقصيد وقد غيب الموت الملحن والشاعر عمر الشاعر الذي ألف ولحن، خلال مسيرته الفنية التي امتدت نحو 50 عاما، أجمل المقطوعات الخالدة في ذاكرة الفن السوداني، والتي تغنى بها أشهر الفنانين مثل عبدالكريم الكابلي وزيدان إبراهيم وحمد الريح والنور الجيلاني وغيرهم..
واردف الحزن برحيل الشاعر الصادق الياس في شرق النيل بعد معاناة مع المرض فاقمها انعدام الدواء والعلاج بسبب الحرب لتتوقف مسيرته التي انطلقت في سبعينيات القرن الماضي، بعد أن رفد الساحة الغنائية بأعمال رسخت في وجدان الشعب السوداني وأسهمت في تشكيله.
وقبله كان قد ودعوالفانية الشاعر عبد العزيز جمال الدين الذي توفي بعد الدخول في نوبة صحية حزنا على وفاة شقيقته بسبب القتال الدائر في الخرطوم وقد كتب الراجل اغنية (لو تصدق) وهو ما زال طالبا بجامعة القاهرة وتغنى بها الفنان عبد الكريم الكابلي .
حزن الموسيقيين:
وفجعت الحرب السودانيين برحيل عازف “الفلوت” حافظ عبد الرحمن الذي ظل لأكثر من خمس عقود يشكل وجدان عشاق الموسيقى الرصينة داخل السودان وخارجه عبر مقطوعات موسيقية خالدة في العديد من الإذاعات والمحافل العالمية؛ والذي عرف بتخصصه البحت في آلة “الفلوت”؛
كما راح ضحية الحرب أيضا عركي مختار عضو فرقة “عقد الجلاد” الغنائية ، وكانت وفاة الموسيقي خالد سنهوري من الأحداث التي اهتزت لها ضمائر المجتمع المحلي والدولي؛ حيث وجد ميتا في بيته في حي الملازمين بأم درمان نتيجة هبوط حاد في الدورة الدموية بعد أن عاش لأيام دون مأكل أو مشرب في ظل أوضاع صعبة وانقطاع للكهرباء بسبب القتال المحتدم.
للرياضيبن نصيب من الوجع
وكانت قبيلة للرياضيبن قد فجعت بوفاة عملاقيها في العصر الذهبي ، وقد غيب الموت أثناء فترة الحرب ثلاثة من نجوم الكرة السودانية وهم فوزي المرضي وحامد بريمة الذان يعتبرا من أبرز من مثلوا المنتخب الوطني السوداني خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي؛ إضافة إلى أحمد عبد السلام، لاعب فريق الفئات العمرية بنادي المريخ والمنتخب الأولمبي السوداني والذي توفي إثر اصابته بقذيفة.
آخر الحزن:
هكذا غادر مبدعونا في فترة الحرب. رحلوا بكل هدوء وسكينة بلا ضجيج ولا صخب ففي غفلة من الجميع يسرقون انفسهم وينسلون منسحبين ومبتعدين عن عالمنا فيفاجئون الجميع ودون موعد واذن بالمغادرة ،.. ولا شك أن وفاة المبدعين تحيلهم الى رموزا للإبداع وقدوةً للأجيال الجديدة، وهكذا يستمر الإبداع وتستمر البشرية في البناء على ما سبق وتطويره في كل مجالٍ.