مقالات

الشُرطة السودانية ومكامن الإبداع الأدبى والإنسانى

لواء شرطة (م)  د . إدريس عبدالله ليمان

ظَلَّ الأُصبع الإيرانى منذ سنواتٍ طويلة على الزناد وكذلك الأُصبع الإسرائيلى .. ويمر العام بعد العام ويزداد الخٓداع الإيرانى بإستدراج الكيان الصهيونى للوقوع فى دائرة الخطأ ويُقدم على حماقة لن يخرج منها إلاَّ بِشقِّ الأنفُس بعد بعد أن يُصبح بقايا من حُطام .. !!

ونجحت الخطة الكِسرَوِيَّة وأشعلت إسرائيل الشرارة الإستباقية ولم تتوقع ردة الفعل الإنتقامية من الجانب الإيرانى الذى كُنتُ أظّنُّه بالغ الهشاشة العسكرية .. وإندلعت النار فى تل أبيب ، وعندما تندلع النار فى غابة الأشرار فإنها لاتكتفى بالحطب الصهيونى الجاف بل تلتهم أيضاً الحطب المبلل والشُجيرات أو ( الدويلات ) إن شئت .. !! التى لا ظِلال لها ولاثِمار وإن تباهت بخُضرتها ودراهمها وبُرج خليفتها ..!!

فقد أثبتت العديد من الأحداث المتلاحقة أن دولة الإحتلال لا عُمق لها ولا إرتكاز وإن عَقَدَت الآمال العِراض على الولايات المتحدة وبريطانيا والدليل خسرانها لجميع الحروب التى خاضتها مع المقاومة الفلسطينية لاسيما الأخيرة بعد السابع من أكتوبر ٢٠٢٣م ، أو اللبنانية أو غيرها .. وهل عدم تحقيق الإنتصار والحسم لا يُعد خُسراناً ..!!؟

أعتقد أن هذه الحرب ستغير الكثير من موازين القوى فى المنطقة ، ومن سياسة الولايات المتحدة الراعى الرسمى لدولة الإحتلال تجاه إيران والإعتراف بها كشريك إقليمى وحليف إستراتيجى ، فالغرب لايعترف إلاَّ بميزان القُوَّة ولايميل إلاَّ مع المصالح ، ويقينى أنه سينظر إليها بكثير من الحذر والإنجذاب معاً وإن بدا الأمر غير ذلك فى ظاهره ..

فجميع الفاعلين الدوليين لديهم قناعة لدرجة اليقين أن إيران رغم عداوتها الظاهرة بأنها أكثر عقلانية وأكثر وعياً وجِدِيَّة من حلفائهم وأبقارهم العربية الحلوبة وإن أقاموا المعابد والكنائس وحوائط للمبكى ، وإن نشروا الديانة الإبراهيمية الجديدة فى جزيرة العرب وأقاموا مهرجانات الترفيه ..!!

هكذا تَحَدَّث جارى فى السكن ورفيقى فى المقهى المجاور الذى يُجيد الثرثرة وكأنه وجد ضالَّته وبُغيته فى هذا الساكن الجديد والقادم من وراء الحدود الجنوبية ، ويبدوا أنه لم يجد من يستمع إلى أحاديثه إلاَّى وقد جمعتنا المهنة الواحدة وإن إختلفت الأوطان وجمعنا المعاش ( الإجبارى لشخصه والقسرى لشخصى ) فكانت الثرثرة مع الكركرة تُخرج ألحاناً شجية يتراقص على أنغامها الدُّخَانْ ..!!

وأخذنا الحديث إلى حيث الإبداع الأدبى فى المؤسسة الأمنية حيث تبيَّن لى أن الشرطة المصرية ذاخرة بالأدباء والمبدعين كما الحال عندنا فى السودان ، وسرحت بخيالى أسترجع الأسماء الشُرطية المُبدعة فى ذاكرتى ، وإذا الخاطر سرح عنك تأكد إنو راح ليك ..!!

فوجدت أن مما يستحق التأمل والدراسة أن معظم ضباط الشرطة القُدامى منهم والمُحدَثين يتمتعون بِمَلَكة أدبية لافِتَة شِعراً ونثراً وموسيقى وخطابة رغم الظَنَّ السيء بهم بأنهم يتأثرون بطبيعة عملهم ولايعرفون سوى الجريمة والمجرمين وقمع المتظاهرين ، رغم أنهم أُناسٌ تَحُفَّهم وتلازمهم الأخلاق السودانية السمحة رغم القسوة التى تبدوا فى مُحَيَّاهم وفى بعض شواربهم ..!!

وكما أنّ القوات المسلحة السودانية أنجيت أدباءَ أفذاذ كالصاغ محمود أبوبكر وصديق مدثر والحسين الحسن وأبوقرون ويوسف مصطفى التِّنَى وعوض مالك وعوض أحمد خليفة وعمر الحاج موسى وغيرهم على سبيل المثال ،

فإن الشرطة السودانية أنجيت أيضاً أعلاماً وأدباءً أفذاذ فكان أبو آمنة حامد وإبراهيم أحمد عبدالكريم وعبدالغنى خلف الله الربيع وإحمد المرتضى البكرى أبو حراز ومحى الدين محمد على ومحمد الأمين البشرى وعباس فوراوى والنور يوسف وحيدر أحمد سليمان والطيب عبدالجليل وهاشم على ..

ومن المتأخرين عمر عبدالماجد وشنان الخليل وحسن التجانى وبابكر الإسيد وحسنين مصطفى ومحمد صديق والطيب بشير .. وغيرهم وغيرهم فهم كُثر ..!!

وهناك ثمة سؤال يدور فى أذهان البعض عن طبيعة العمل الشُرَطى رغم مابه من مخاطر وعلاقته بالإبداع الأدبى ..!!؟ فضباط الشرطة بحكم عملهم أقرب للواقع الإنسانى فى لحظات سُمُوِّه وإنحداره على السواء ، وأكثر معرفةً بحقيقة النفس البشرية التى تتجاذبها نوازع الشر والجريمة ..

فحينما يكتبون لايكتبون إلاَّ أحداثاً ومشاهد إنسانية عايشوها ، وأشخاصاً جالسوهم ولازموهم ..!! فيحولون الواقع المُشاهد والمُعاش إلى عمل إبداعى فى قمة الجمال والرُقى .. !! وعندما يَكْتُبُ ضباط الشرطة فإنهم يكتبون بعقولهم وقلوبهم ، فإن بكوا أبكوا وإن ضحكوا أضخكوا ..!! لأن كلماتهم تأتى دوماً وكأنما قِيست بمقياس الإبداع الحق ، وكأنما وُزِنَتْ بميزان المعانى وصدق المبانى ..!!

فيا سادتى قادة الشرطة تَفَقَدُّوا مكامن الإبداع ومواطن التجلِّيات لدى منسوبيكم ، وأبحثوا عنه فى مَظَّانِّه بين الأجيال الجديدة فستجدون ذخائر من الجمال والإبداع .. فليست كُل الذخائر دوشكا وقرنوف ..!!

حفظ الله أدباء بلادى وجميع مبدعيها وحفظ الله أدباء الشرطة ورحم موتاهم .

وحفظ بلادنا وأهلها من كل سوء .

لواء شرطة (م)

د . إدريس عبدالله ليمان

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى