بعد عشرة زوجية طويلة، قد تزيد بكثير على العشر سنوات، فجأة يحدث الزلزال، بفعل تقلب الزمن ، وتكاثف المحن ، وتراكم الشدائد ، وتزاحم النكبات واشتداد الضربات ، وعلى عكس المتوقع يفترق الزوجان، وبدلاً من أن يعيشا سنوات عمريهما فـي راحة وهدوء وسعادة، تتحول حياة الزوجين إلى شقاء وتعاسة، ولا يكون هناك حل غير الانفصال، بسبب ظروف فرضتها عليهم زحمة الحياة ومشاكلها الصعبة!!
والحياة عموما تتخللها مواقف واحداث قد تكون صعبة ، وكثيرا ما تؤثر هذه المواقف والظروف على العلاقة بين الزوجين ، وعلى المودة التي اجتمعا عليها ، هذه الظروف الصعبة احيانا تكون مفتاحا لتقوية العلاقة بين الطرفين.
وفي اخرى قد تكون دافعا للافتراق والانفصال لعدم تحمل الزوجة وضع زوجها المادي اذا كشر له القدر ووضعه بين المعدمين لاي سبب من الأسباب، أو يضيق الزوج من ظروف زوجته اذا اجبرتها ظروف اسرتها او مرضها فيتخلى الزوج عنها!! شهور الحرب التي اندلعت بالخرطوم في العام الماضي كانت مليئة بمشاكل الحياة والتي ادا بفراق كثير من الازواج
(خط نهاية):
ماذا لو قست الدنيا على احد الطرفين، الزوج او الزوجة، هل يقفا مع بعضهما ام يفضلا الابتعاد؟ الإجابة على هذا السؤال قال (طارق التجاني) استاذ علم الاجتماع بجامعة النيلين : من المؤلم أن تجبر ظروف الحياة أحد الزوجين أو كلاهما على أن يستعجل قرار الابتعاد والانفصال ، كأن ما بينهما لم يكن إلا ساعات من الزمن مضت سراعا ، ثم توقفت عن الدوران ، كأن حياتهما لم تكن إلا رحلة سفر قصيرة ، انقضت على متن قطار أو طائرة أو مركب شراع ،.
بعدها وصلا لخط النهاية، مشيرا الى هناك كثير من الازواج تخر قواهما من اول مشكلة وتتضاءل عزيمتهما في مواصلة المشوار فيفترقا، مضيفا: إن على الزوجة إذا واجهت زوجها مشاكل مالية واصبحت حياتهما صعبة ان تتحمل هذه الظروف لان الحياة الزوجية شراكة على (الحلو والمر) وليست في الحلو فقط،
وايضا على الزوج ان يقف مع زوجته ولا يفارقها اذا حصل لها مكروه، وتأسف (طارق) على الزوجة التي تربط حياتها بزوجها بالمال، وساعة الفقر تختار (الابتعاد) وعلى الزوج الذي يربط حياته بزوجته بالصحة والعافية فقط وفي المرض مثلا يبتعد عنها!!
واوصى(طارق) الازواج بأن يبحرا من جديد بعد كل ظروف صعبة بمنأى عن قصف العواصف ، وإعصار الاهتمامات المادية ، وضغوط الحياة اليومية ..و كل ما يواجهان معاناة جديدة ، يتحديان الأمواج الهائجة ، والغيوم السوداء العاصفة بحياتهما !!
وقال: معايشة الازواج لأصناف شتى من الناس يختلفون في أمزجتهم وطبائعهم ، ومواجهتهم لألوان متناقضة من المواقف والصور والمظاهر الاجتماعية و الاقتصادية و السياسية , بالتأكيد سيدب احساس التقصير بداخلهما , ويبدأ شعور كل منهما بعدم الرغبة تجاه الآخر في مشاركته آلامه وآماله , بل حتى لمشاركته مجرد الكلمات اليومية والحكايات العارضة فيحصل الخلاف ثم الانفصال!!
(معاناة نفسية ومعنوية):
وقالت الباحثة الاجتماعية (نهلة حسن بشير) : حين يدرك الزوجان أن حياتهما ووجودهما معا روحا وجسدا واحدا ، يتشاركان معا الأفراح والأتراح ، والابتسامات والدموع ، والصمت والكلام ، والهدوء والغضب ,
ويواجهان تقلبات الحياة بتناقضاتها بوعي ونضج فكري ، واتزان نفسي ، والتحام عاطفي حينها سيظلان يشعران بنفس الإحساس عند بداية زواجهما ، وسيحتفظان بفرحتهما ، والأجواء المفعمة بمشاعر الحب والتقدير والاحترام مهما كانت الظروف قاسية عليهما سيكونا في (نعيم) ، .
اما اذا فكر اي منهما في الابتعاد عن الآخر في حالة حصل مكروه لاي منهما ستصبح الحياة معاناة نفسية ومعنوية وسيفقدان الثقة فيما بينهما وتكون النهاية (الانفصال) وقالت: يجب ان لاننسى أنه عند المحن يظهر الصديق من العدو، و يظهر الحبيب، من الباحث عن مصلحته ، فلا تنسى المرأة أن زوجها عندما اختارها، اختارها ليعيش معها الحياة بكل ما تحمله من أشياء جميلة، وان تعلم أيضا أن الحياة قد تغدر بنا و تنقلب علينا.
لذلك تظهر الواحدة لزوجها انها دائما إلى جانبه في الصعاب كما في الأفراح، و أن زوجها قد يكون في أمس الحاجة إليها أكثر من أي شخص آخر، عندما تعاكسه الظروف، وعلى الزوجة ان لا تبخل على زوجها و تساعده عندما يحتاج إليها !!
واضافت (نهلة) : وعلى الزوج أن لا ينسى ان تلك المرأة أحبته ووافقت عليه لأنها رأت فيه فارس أحلامها، إلا أن الحياة قد تخبئ لنا أشياء لم نتوقعها، لكن العلاقة المثالية هي التي نرى فيها أن حب الزوجين لبعضهما يزداد عندما تحل المصائب، و عندما يقفان إلى جانب بعضهما البعض
.
((مواقف مشتركة):
هناك من يرى ان الزواج يعني نوعاً من الشراكة ، الشراكة في كل شيء، شراكة تقوم على الاشتراك في الأهداف ، في المواقف ، والتعاون والتضامن في حل المشاكل التي تعترض أحدهما باعتبارها همّاً مشتركاً يستلزم موقفاً مشتركاً وموحداً ، و يحاول الرجل أن يجهد نفسه في العمل من أجل توفير الغذاء والكساء لزوجته واطفاله ، وتحاول الزوجة ومن خلال التدبير والتوفير تسيير شؤون منزلها وفق ما هو موجود من ميزانية .
وبذلك تكون قد تضامنت مع زوجها في حال واجهته مشكلة!! ويعتقد آخرون انه من أجمل صور الحياة الزوجية ذلك التضامن الذي نراه بين الرجل والمرأة في مواجهة الشدائد بروح عالية من الصبر والمقاومة ، عندما تقف المرأة إلى جوار زوجها فإنه يشعر بالقوة والثقة تملآن نفسه ، وعندما ترى المرأة زوجها بقربها فإنها تشعر بالأمن والطمأنينة تغمران روحها .
وهذا الجانب في الواقع يمثل جوهر الزواج والتكامل الروحي، : لكن مع الاسف ان هناك أزواجا في مجتمعنا ينقصهم الايمان بالقضاء والقدر فلا يحتملان ما يصيب احدهما من شر فيدير الرجل ظهره الى زوجته والعكس ، وينسيان في (زحمة) مشكلة قد تكون صغيرة العشرة التي كانت بينهما بسبب ظروف قاهرة وعابرة!! و من المسائل المهمة في توفير الأمن العائلي هو التعاون بين الرجل والمرأة .
إذ ليس من الذوق أبداً أن تقف المرأة مكتوفة اليدين وهي ترى زوجها يكافح ويكدح ويتصبب عرقا وينزف جهداً في سبيل توفير لقمة العيش الكريم،وليس من المنطق مطلقاً أن يجلس الرجل في زاوية من البيت دون ان يساعد زوجته، وفي حالة (النكبات) وتقلبات الحياة لابد أن يشدا من أيدي بعضهما ويعيشا (الحلو والمر) الى ان يتجاوزا المرحلة الصعبة فيكونا بذلك حافظا على مركبهما من الغرق!!