حالة كتمان شديدة تمارسها النساء في مجتمعنا فيما يتعلق بحياتهن الزوجية ويعتبرنها من المحظورات التي لايجوز التحدث بها بحيث لا يمكن الحديث بسهولة عن الانفصال العاطفي بين الزوجين والذي يظل حبيس (عشة الزوجين) لسنوات طويلة جدا رغم أنه لا يقل عن الطلاق.
وبلا شك الانفصال العاطفي تتضرر منه الاسرة بما فيهم الأطفال مثله مثل الطلاق الرسمي بين الزوجين.على الاقل الطلاق الرسمي ظاهر و يعرفه كل الناس تتبع محاولات لعلاجه من اهل الزوجين والأصدقاء. إلا ان الانفصال العاطفي يفضل (محل سر) بين الزوجين لا احد يعرف عنه شئ .
ويعتقد خبراء في مجال علم النفس والاجتماع أن نسبة “الانفصال العاطفي ” تفوق نسبة الطلاق الرسمي رغم عدم وجود إحصاءات رسمية عنه بسبب حساسية الموضوع. وهو يجتاح كثير جدا من الازواج (يسكنان مع بعضهما ولا علاقة بينهما) برود وعدم اهتمام باشياء بعضهم ، كل في حاله .سنوات تمر ولا يدري أحد بالاخر . كل ينطوي على هاتفه الجوال ينمي علاقاته الخاصة . ويخرجان للناس كانهما زوجين متفاهمان متحابان يعيشان احلى الأوقات بعشتهما الزوجية.
وبما ان للموضوع حساسية كبيرة فهناك من تكمل صبرها وتفشي ذلك السر لشخص مقرب منها .مثلا (م) الطبيبة المتفوقة تزوجت من زميلها عن علاقة حب كبيرة وكان ذلك قبل اكثر من (15)عام ولديها ثلاثة أطفال تشارك (م) حياتها مع اصدقائها بالفيس بوك رحلاتها وحالاتها الجميلة في حين انها تعيش ماسأة في بيتها وتعاني من هجران زوجها الذي طال إلا أنها لاتتحدث بذلك .
تحولت علاقاتها بزوجها من علاقة جميلة الى شكل من أشكال الاحترام المتبادل مثل زميلين في العمل، إذ اختفى الانجذاب العاطفي بينهما منذ سنوات قاربت الخمس سنوات ، وتحديدا بعد انجابها لطفلتها الاخيرة . كل ينام في غرفة منفصلة .هي تنام مع اطفالها وهو بغرفة النوم الخاصة بهما ..
(م) كانت تبرر ذلك، بأنه قد يكون بسبب اهتمامي بالاطفال وكل وقتي اقضيه معهم بحكم مراقبتي اللصيقة لاطفالي فاستشرت أخصائيين نفسيين لإحياء علاقتنا، لكن الأمر استغرق لديه فترة أطول مما تصورت، ومع مرور الوقت، لم تعد تولي أي أهمية للعلاقة العاطفية بينها وبين زوجها الذي انتهرها عندما حاولت التقرب والتحدث معه.
وقال لها لا داعي للرومانسية ونحن أصبحنا ام واب واطفال يجب ان تهتمي بهم فقط. فهي ترى زوجها مثالي في واجباته مع اطفاله واهتمامه بمستلزمات البيت من آكل وشرب ولبس وعلاج ولكنه كزوج ليس مثاليا بالمرةيهمل مشاعرها وحقوقها عليه كزوجة.
أما (س) وهي ايضا مرت بحالة ملل وكآبة بسبب عدم رغبة زوجها فيها، فانغلقت على نفسها واصبحت تنزوي في غرفتها أول ما تنتهي من جميع واجباتها المنزلية تجاه اولادها وزوجها الذي لا يهتم بوجودها .فتعيش مع أصدقائها وصديقاتها على مواقع التواصل الاجتماعي الذين وصل عددهم إلى المئات.
ومع مرور الوقت، ازداد عدد معجبيها الذين يحتفون بأفكارها وكتاباتها المعقولة والجميلة على الفيس بوك، فعادت إليها ثقتها بنفسها ثانيةً. وأعادت تلك التعليقات والمديح لها ثقتها من جديد .فتحول المديح من أحد المعجبين الى لقاءات غرامية ورسائل ومكالمات فكانت تشعر بأنها ميتة عاطفياً في ظل اللا روح في علاقتها الزوجية.
ماذكرنا اعلاه كلاهما إلا نموذجين لحالات كثيرة جدا في المجتمع السوداني وغيره . قد يلوم المجتمع النساء ويسموهن باسماء سلبية ولكنهم لا يعرفون انهن يعشن اوضاع سيئة داخل منزل الزوجية وهن لديهن حياتين: الظاهرية لإرضاء المجتمع والأسرة و تمثيل دور الام والزوجة المثالية، والخاصةالتي يقضينها مع الاصدقاء والعشاق .
وترى الباحثة الاجتماعية دولت حسن ، أن أمثال النموذجين كثيرات ولكن بدلاً من تقديم تبريرات للاخطاء التي تحدث من احداهن يجب ان تناقس الواحدة منهم تلك التفاصيل الدقيقة مع زوجها، وتصارحه بما يجول في خاطرها وما قد ينتج عن ذلك في المستقبل فيما لو استمرت هو بمعاملتها بتلك الطريقة، للوصول إلى حل يرضي الطرفين وينقذهما من ارتكاب الأخطاء بحق بعضهما أو الوقوع في حالة العزلة .
وتضيف: من المحتمل تكون “الزوجة مخطئة أيضاً لإهمالها الجانب العاطفي في علاقتهما الزوجية باهتمامها بالاطفال اكثر، وتشير إلى ضرورة التخلص من مقولة (بذلت ما في وسعي في معالجة الوضع) لأن ذلك يوقع الطرفين في الشعور باليأس وبإحساس كل طرف أنه الضحية.
وأن الطرف الآخر هو المسؤل وعلى الطرفين التفكير بالجوانب الإيجابية وتذكّر الأوقات الجميلة والصعبة التي عاشاها معاً، والمبادرة إلى نقل السلوك الإيجابي عن طريق المعايشة، فعلى سبيل المثال، يمكن للزوج أن يبادر إلى الاهتمام بالزوجة ومغازلتها وتقدير جهودها لنقل عدوى المعاملة الحسنة إليها، وعلى الزوجة القيام بمبادرات للفت انتباه زوجها أيضاً وهكذ.ا