جدول المحتويات
المسكوت عنه.. شباب يدمنون التحرش وفتيات يلزمن الصمت
المسكوت عنه.. شباب يدمنون التحرش وفتيات يلزمن الصمت | لأن الظروف القاهرة دوما تجبر المرأة إلى العمل تدثرت (الهام) بثوب الفضيلة والحرص على نفسها الى ان تعود الى منزلها نهاية الدوام .
ولأن الحالة السيئة التي عليها المواطنين بسبب الضغوط الاقتصادية وارتفاع اسعار المستلزمات كافة . خرجت أغلب البنات حتى اللائي كن لايعملن في وقت مضى ولكن ظروفهن اجبرتهن على الخروج للعمل سواء ان كان بمناطق النزوح في المدن الآمنة أو اللائي لجأن الى دول الجوار.
كلهن يعانين معاناة غريبة وعجيبة من مسألة (التحرش الجنسي) وذلك ليس جديدا حسب حديث (الهام) الموظفة في إحدى المؤسسات ولكنها قالت ازداد الأمر كثيرا واصبح شائعا وبدون خجل لأن كثير من الرجال والشباب يستغلون الظرف العام ويتحرشون بالنساء في كل مكان وزمان .والمؤسف حتى الزميل لا يرفع عن زميلته. وقالت : اعرف بنات تركن العمل بسبب التحرش الذي يطالهن في الشارع والمواصلات وحتى مكان العمل
في البازار:
(لمياء) قالت بدعوة من صديقتي المقربة ذهبت لحضور أحد البازارات الذي تقيمه سيدات أعمال سودانيات بمشاركة كبيرة وعريضة مع فواصل غنائية لفنانين معروفين و عندما انتهى الحفل، وخرجت، تفاجأت بشابين يزاحمونني وكلما حاولت الابتعاد عن احدهم يلمسني الآخر . أسرعت بالخروج دون ان اتفوه بكلمة معهم خوف الحرج .ولكنني كنت خائفة ومذعورة مما حدث
عزلة وانطواء:
لم تجرؤ لمياء على إخبار أهلها بما حدث لها، كونهم سيلقون اللوم عليها، لأنها ذهبت لمهرجان، يضم أعدادا كبيرة، واصنافا مختلفة من الناس، فضلا عن انها ترددت في إخبار احد، بما حدث معها، لأن ذلك ربما يسيء لسمعتها، وأنما أخبرت صديقتها صاحبة الدعوة والتي اخبرتها أنها ايضا تعاني من (التحرش) في كل مكان .وقالت : هناك فتيات لا يحتملن ذلك لدرجة انهن أصبحن يخشين
التواجد في أماكن عامة، ويفضلن العزلة والانطواء”.
حركة الدبوس:
تقول (رشا) في فترة اتفقت كثير من الفتيات بحمل الدبوس(إبرة) وكان ذلك قبل سنوات حيث راجت تلك الحركة بين طالبات الجامعات السودانية وطالبات المدارس والموظفات لتفادي التحرش .فتحمل الواحدة في يدها دبوسا ثم تستقل المواصلات .
فإن حرك شاب يده على جسدها تقوم بطعنه بالدبوس فورا دون كلام .وقالت وشدة ما راج بيننا طعن الدبوس .اختفى التحرش بنسبة كبيرة جدا ووجدت الكثيرات الراحة في ذلك وهناك من استخدمت المقص. واخريات كن يحملن (ولاعة) يشعلها في يد كل من تجرأ بالتحرش بهن.
أساليب خادشة:
سوسن طالبة جامعية، لاذت بالصمت، عندما تحرش بها، شاب في حافلة، استقلتها للذهاب لمكان ما، تقول سوسن:استقليت حافلة ووجدت كرسيا واحد بجانب شاب فالتصقت بطرف النافذة، ووضعت حقيبتي بيني وبينه ، ولم تمض دقائق على تحرك الحافلة، حتى بدأ الشاب بتمرير يده على رجلي في اسلوب خادش .ارتبكت وزجرته بهمس حتى لايسمعني الركاب .وحاولت النزول في منتصف الطريق ولكن الوقت كان متاخرا.
ولأن المجتمع “يلوم الضحية ويترك الجاني فإنها آثرت أن تبتلع قهرها، وتصمت على انتهاك جسدها!
صمت مبرر:
تجربة لمياء وصديقتها، تواجه مثلها يوميا فتيات ونساء عديدات، يتعرضن لشتى أشكال التحرش الجنسي، وهو ما يؤكده حقوقيون وناشطون وعاملون اجتماعيون، ويكادون يجمعون على “ازدياد هذه الظاهرة”، غير أن “صمت الفتيات خوفا من وصمة العار، او الإساءة لسمعتهن، والخشية من الأهل”، فضلا عن “ضعف التشريع القانوني، الذي يعاقب المتحرش يحول دون رصد دقيق ورسمي لانتشار هذه الظاهرة . والتي ظلت مجالس النساء تتحدث عنها بصورة كبيرة .
التحرش اشكال:
وتعرف منظمات حقوق الإنسان التحرش الجنسي، بأنه القيام بتوجيه أي نوع، من الكلمات غير المرحب بها، أو الإقدام على أفعال لها طبيعة، أو إيحاء جنسي مباشر، أو غير مباشر، تنتهك السمع أو البصر أو الجسد تجاه المرأة.وتتوزع أنواع واشكال التحرش الجنسي، بين التحرش باللمس، او بالنداءات او الإيحاءات، والتحرش بالعين، وبالملاحقة . هذه السلوكيات تنتهك، وفق منظمات حقوق الإنسان، خصوصية المرأة ، وتجعلها لاتشعر بالارتياح، أو عدم الإحساس بالأمان والخوف.
جريمة صامتة:
واعتبر استاذ الطب النفسي دكتور نادر عبد الباقي أن موضوع التحرش له علاقة بـ”تدني القدرات العامة لدى المتحرش، كونه شخصا يعتقد أنه يمارس السلطة والرجولة، على أنثى، ويثبت وجوده كشخص مرغوب فيه ،
ويرى أن التحرش علة غير أخلاقية، أكثر من كونها نفسية، بالنسبة للذكر ، الى جانب أن العقل الجمعي “لا يستنكر قصة التحرش، سواء من قبل الشخص نفسه، أو ممن حوله، إذ لا وجود لاستنكار أسري، بصوت قوي، كما ان الاستنكار القانوني غير مثبت، فهي جريمة صامتةاجتماعيا ، ويرى ان الميل الجنسي نحو الآخر، هو فطرة إنسانية في الأساس، وان “الثقافات تختلف في تغليف هذه الغريزة، من حيث العادات والتقاليد، والحرية الفردية، وحدودها، وملكية الجسد وأحقية التصرف فيه
التنشئة الاجتماعية:
ويعتبر دكتور نادر أن أنماط التنشئة الاجتماعية لدينا تعزز الموقف السلبي من الأنثى، حيث ينشأ الذكور تنشئة أقرب الى مفهوم الفروسية، منها الى التشاركية، في مثل هذه النظرة والعلاقات اللاحقة”.ويوضح أن النظرة في مجتمعاتنا الى الأنثى، تعتبرها صيدا أو غنيمة، وذلك جراء التربية، التي يتلقاها الشباب والإناث، فتقوم المعادلة المختلة، في النظرة الى الجنس، الذي تمثل فيه المرأة ثقافياً ووجدانياً مركزاً للشرف،
كما هو متداول في مجتمعاتنا. ولذلك فكرة الشرف أحيطت بالمعنى النمطي، في هذه الحالة، التي أعادت تقييد وأسر المرأة الأنثى، لأنها باتت دائماً مستهدفة، ورغم وعيها وشهادتها، وحتى قدراتها الأخرى، فانها تبقى مستهدفة من هذه الناحية النمطية، وبالتالي فان مفهوم التحرش لا يتصدر معايير الحكم الاجتماعي السائد، وبالتالي فأن الأنثى “تضطر للصمت، والتغاضي عن موضوعات الجنس والتحرش.