قال احد الشعراء :(وليس أخي من ودني بلسانه ولكن أخي من ودني في النوائب .. ومن ماله مالي إذا ما كنتُ معدما ومالي له إن عض دهر بغارب) .. وكثير من الاشعار التي تحدثت عن رباط الاخوة الاشقاء وكيف يجب ان تكون هذه العلاقة الجميلة وان لا تشوبها الشوائب وتقلبات الزمان .
أسر سودانية كثيرة في مجتمعنا السوداني تعاني من خصومة الاخوة والاخوات ، وقد بدأت هذه العلاقات المتوترة بين الاشقاء ظاهرة في مجتمعنا بشكل مقلق تأزُّم العلاقات بين الإخوة والأخوات، وسرعة تَفَكّك هذه الرابطة لأدنى سَببٍ وانقلابها إلى عداوة مُستَحكَمَة قد لا تكون مع الأعداء الحقيقيين.
كثير من الخلافات بين الاخوة قد وصلت إلى المحاكم مع الاسف، واستفحل الخلاف حتى الابناء دخلوا فيه وتفرقت العائلة فصارت فريقين أو أكثر، ولعب بهم الشيطان ووضعهم في اتجاهات مختلفة لا يسألون عن بعضهم .. وقد وصل الامر عند البعض أن لا يحضر الأخ جنازة اخيه او أخته بسبب الخصومة الفاجرة.
(نموذج واقعي):
(محمد وعوض) وهذه أسماء رمزية لابطال قصة حقيقية وهما نموذج لعلاقات اخوية كثيرة تدمرت واصبحت غير موجودة . (محمد وعوض) عاشا في كنف ابويهما في سعادة ونعيم يخرجان ويعودان الى منزلهما مع بعض لايفرقهما أي سبب درسا في مدرسة واحدة وجامعة واحدة .
الى ان توظفا كل في مصلحة على حدا .ولكنهما ايضا يعودان من العمل الى البيت مع بعض حيث ينتظر احدهما الاخر .تزوجا وانجبا ويسكنان في بيت والدهم الكبير مع اخواتهم البنات .الى ان دخل الشيطان في يوم بينهما بمجرد مشكلة بين طفليهما فتطورت وتمددت وانقسموا الى قسمين كل يقف مع الاخر وطالت الخصومة بتدخل الزوجات واشعال النيران بينهما.
وبعد وفاة والديهما دخلا المحاكم بسبب الميراث فاخذ كل منها حقه وذهب بعيدا عن الاخر في صورة مؤلمة يتأسف لها كل من عاش في مجتمعهما ورأى الرابطة القوية التي كانت تربطهما وتعجب كل من نظر إليهما ويتمنى ان يكون اولاده مثل (عوض ومحمد) اللذان اصبحا عدوان في مشكلة بسيطة بين طفلين بريئين يلعبان مع بعضهما و المشاكل بين اهلهم مستمرة.
(قانون الاخذ والعطاء):
رابطة الأخوة الاشقاء من أعظم نِعم الله تعالى علينا، ففيها يعيش الناس في دنياهم متحابين متراحمين مترابطين متناصرين، يجمعهم شعور أبناء الأسرة الواحدة، التي يحب بعضها بعضاً، ويشعر كل منهم بحزن أخيه وتعبه وألمه، ويشد بعضهم أزرَ بعض، يحسُّ كلٌّ منهم أن قوةَ أخيه قوةٌ له، وأن ضعفَه ضعفٌ له, حيث لا تخضع هذه العلاقة لميزان المقابلة فإن زرتني زرتُك .. وإن أعطيتني أعطيتك .
لا يفترض ان يتعامل الاخوة هكذا،، لان الأمر يختلف تماماً عند الرَّحِم حملتهم بطن واحدة تربيا في بيت واحد عاشا فيه طفولتهما وصباهما الى ان اصبحا رجال . لذلك لا يجب ان نقيس عطاء الأخوة بقانون الأخذ والعطاء لن يحصد ذلك سوى جفاف المشاعر، وقسوة القلب.. كما انه لا يجب ان بتدخل اخرين بينك وبين اخيك او اختك مهما كان لان تدخل الغريب لا يعالج مشكلة بل من الممكن ان تستفحل المشكلة وتكبر كما حدث عند الكثيرين .
(أسباب متعددة):
اشياء كثيرة غالبا ماتكون سببا في الخلافات بين الاخوة الميراث مثلا . الاختلاف في امر ما . مشاكل الاطفال .او مشاكل الزوجات وتاجيج النيران . الفتنة ونقل الكلام من أخ الى الثاني من شياطين الانس الذين ينقلون الكلام ويفخمونه ويزيدونه كثيرا فيفتتن الاشقاء فيما بينهم .كما ان لكثير من النسابة يتدخلون في مشكل زوج بنتهم واخيه .او زوجة ابنهم واختها فيشعلون الخلاف ويزيدون عليه كل ما يجعله واسعا ليفرق هولاء الاخوة لاشياء في أنفسهم فيها مصلحة لهم .
حكى لي احدهم ان اعمامه ظلا متخاصمين لمدة خمسين عاما بسبب ان زوجة احدهما حرقت (ثوب) زوجة الأخ الثاني بالمكواة دون قصد منها. فكالت لها الشتائم واستفحلت المشكلة وتدخل الزوجين واشتبكا معا .وتخاصما حيث لا يصل احدهما الاخر لاي سبب من الاسباب كبر ابناءهم وتزوجوا وكأنه لا تجمع بينهم علاقة اخوية لمدة (50) عاما
(خطوط حمراء):
دكتورة مهلة حسن بشير الاخصائية الاجتماعية قالت : مع الاسف الشديد تهدم العلاقات بين الاخوة موجود بكثرة في مجتمعنا السوداني المعروف عنه بالترابط والمحافظة على الأسرة .فكيف لاخ ان يخاصم اخيه او اخته وانتم خُلقتم وتشكّلتم في بطن واحد ، وعشتم في البيت نفسه ، وأكلتم من الصحن نفسه ، وشربتم من الكأس نفسها ، واحتفظتم بالذكريات نفسها .
ولذلك لن تستطيع نفسُك الأمارة بالسوء أن تمحو كل ذلك ، وحتى لو حاولَتَ، ستشعر في نهاية كل يوم بتأنيب الضمير، فالدم الذي يسري في عروقك سيُشعرك بالحنين لإخوة يقاسمونك كريات دمك نفسها’و وقالت لذلك من الضروري أن تضع خطوطاً حمراء لزوجتك (أو لزوجكِ) ولأبنائك وبناتك حين يكبرون، ولا تسمح لهم بتجاوزها، خاصة فيما يتعلق بإخوانك وأخواتك ..
فأغلب مشكلات القطيعة بين الإخوة تكمن في تدخّل الزوجات أو الأزواج والأبناء والبنات، او النسابة وإيغار صدور الإخوة على بعضهم البعض . لذلك فاحذر أن تسمح لهم أو لغيرهم بالتدخُّل في تشكيل إطار علاقتك بإخوتك، فقد يدفعون بك نحو طريق القطيعة والبُعد، وهم يُشعِرونك أنهم أكثر إخلاصاً ومحبة لك، وخوفاً عليك.وإذا ما سمحتَ بذلك فسترى المشهد نفسه يتكرر بين أبنائك، والقطيعة تدبُّ بينهم وأنت تتحسر عليهم، لأنه كما تَدِينُ تُدانُ، وكما تَزْرَعُ تَحْصُدُ.