إقتصاد

حول المحفظة الاستراتيجية لاستيراد الوقود

د. لؤي عبد المنعم.. خبير مصرفي

حول المحفظة الاستراتيجية لاستيراد الوقود

 المحفظة الاستراتيجية لاستيراد الوقود

حول إنشاء محفظة استراتيجية لاستيراد الوقود دعا إلى ذلك التغير المستمر نسبة لظروف الحرب المفروضة على الشعب و الجيش إذ تمر البلاد بحالة غير مسبوقة من التراجع في الايرادات العامة و ارتفاع لاسعار السلع و الخدمات والاستيراد وتوفر الوقود في السوق نتيجة لتوقف معظم المصانع العاملة و انحسار المساحات المزروعة بعد خروج مشروع الجزيرة من دائرة الانتاج،

و بالتالي تراجع الصادر و تاثير ذلك على قيمة العملة المحلية مقابل الدولار في السوق الموازي، حتى وصل الدولار سقف (3000) جنيه مؤخرا قبل ان يهبط تدريجا بعد اجراءات امنية اتخذتها السلطات في مواجهة تجار العملة، الى (2600) جنيه بتاريخ 25 يوليو 2024 ، نتيجة للمضاربة في السوق الموازي من قبل المستوردين عموما و مستوردي الوقود والسلع الاستراتيجية على وجه الخصوص.

و لمعالجة هذا التراجع المطرد في قيمة العملة المحلية قام بنك السودان بتكوين محفظة استراتيجية لتوفير العملة الحرة لمستوردي الوقود و السلع الاستراتيجية من إنتاج الذهب الكلي البالغ في النصف الاول من العام الحالي 2024 حوالي 29 طن، و حقق ايرادات في ذات الفترة بلغت حوالي (748) مليون دولار..

السلطات المالية و التجارية من جانبها قامت بعمل ضوابط جديدة لتوظيف المحفظة بشكل امثل بما يضمن توفير العملة الاجنبية الى مستحقيها، وتيسير توفر الوقود والسلع الأخرى و الحد من الطلب على الدولار في السوق الموازي وفق ما يلي:-
1- تنظيم عطاء للشركات التي لديها رخصة استيراد مواد بترولية و سلع استراتيجية لتغطية احتياجات البلاد لفترة محددة (من شهر الى شهرين)
2- يتم ارسال خطاب من وزارة المالية لادارة المحفظة باسم الجهة المستحقة.

3- حظر توقف بواخر النفط في المياه الاقليمية بغرض استيفاء الموافقة المطلوبة من جانب بعض المستوردين، و اشتراط الحصول على تصديق مسبق من المؤسسة السودانية للنفط لادخال البواخر الى الميناء، و ان يتم شطب المخالفين من سجل المستوردين و حظرهم نهائيا من الاستيراد.
4-تفعيل اجراءات استرداد حصايل الصادر للحد من المضاربة في السوق الموازي من قبل المستوردين للسلع الاستراتيجية.
5-تفعيل الرقابة على تجار العملة و ضبطهم.

هذا الى جانب الالتزام الصارم بضوابط الاستيراد الخاصة بوزارة الطاقة و التعدين بموجب القرار رقم 148 الصادر بتاريخ 11 اغسطس 2020 و هي كما يلي :-

1- حيازة الشركات المستوردة مستودعات بمدينة بورتسودان لتخزين المنتجات البترولية المراد استيرادها.
2- حظر بيع وقود الاستيراد في محطات الخدمة بواسطة الشركات المستوردة، الى جانب حظر البيع بالتجزئة.
3- حظر تداول المنتج المستورد بين شركات التوزيع إلا اذا كانت الشركة المشترية في قائمة الاستيراد المضمنة في طلب الاستيراد.
4- السماح لجهات محددة تستهلك كميات كبيرة من الوقود و الغاز بالاستيراد لغرض الاستهلاك الخاص، بعد استيفاء موافقة المؤسسة السودانية للنفط.

بالنسبة للضوابط التي سبق ان اصدرها بنك السودان وفق منشور إدارة السياسات رقم (28/22) الصادرة بتاريخ 20 ابريل 2022 و التي اكدت على ان استيراد مشتقات النفط يتم عبر:-
1- سياسة الدفع المقدم من قبل صاحب حصيلة الصادر عند قيامه بالاستيراد او من مصادره الخاصة.
2- بموجب فاتورة مبدئية.
3- و اصدار خطاب موافقة محدد بفترة زمنية، بتوقيعين معتمدين من المؤسسة السودانية للنفط.

4-و فحص صحة المستندات اعلاه من قبل المصرف المعني.
5-و تحديد فترة اقصاها شهر من تاريخ استخراج استمارة الإستيراد ( IM ) لتسليم المستورد الشهادة الجمركية و شهادة الوارد .
6-و استيفاء تعهد خطي من المستورد برد المبلغ خلال فترة اقصاها اسبوعين من تاريخ انتهاء المدة المحددة لتنفيذ عملية الإستيراد في حالة فشله في التنفيذ، مع عدم السماح له بالتنفيذ بعد انتهاء الفترة المحددة.

7- في حال فشل المستورد في رد المبلغ بالعملة الاجنبية يتم التبليغ عنه لدى ادارة النقد الاجنبي ببنك السودان لاتخاذ اجراءات قانونية بحقه.
و بالرغم من ان المنشور سمح حينها لشركات الوقود بالاستيراد بدون تحويل القيمة بعد تقديم شهادة تسجيل سارية من المسجل التجاري العام اضافة الى المستندات المطلوبة اعلاه، الا ان البنك المركزي حصر الاستيراد بدون تحويل القيمة في الحالات الآتية:-
1- الإستيراد لأغراض الاستثمار أو لصالح الاستثمارات المنشأة بموجب اتفاقيات سارية مع حكومة السودان معتمدة من وزارة المالية والتخطيط الاقتصادي .

2- إستيراد السلع الرأسمالية للمصانع الانتاجية وإحلال الماكينات للمصانع التي دمرتها الحرب بعد موافقة وزارة التجارة والتموين وختم الفواتير المبدئية والنهائية من جهات الاختصاص الفني، و شدد على المصارف بضرورة استخراج إستمارة الإستيراد (IM) بدون تحويل قيمة للحالات الواردة اعلاه فقط.

الجديد في الاجراء المتخذ مؤخرا من جانب السلطات المالية هو توسيع الاستيراد بدون تحويل القيمة ليشمل كافة السلع الاستراتيجة التي كان يتم استيرادها عن طريق الدفع المقدم، استنادا على المحفظة الاستراتيجة و كما ذكرت اعلاه للسيطرة على السوق و اعادة العملة المحلية الى سقف 1100-1200 جنيه مقابل الدولار في المرحلة الاولى، مع العمل على زيادة حجم الصادر و الاحتياطات من الذهب لتعزيز قيمة العملة تدريجيا وصولا للتعافي الاقتصادي.

و في تقديري الشخصي الاجراءات المتخذة اعلاه برغم اهميتها الكبيرة غير كافية لتحقيق الاهداف المرجوة، و ينبغي اتخاذ قرار عاجل و حاسم بحظر استيراد السلع غير الضرورية و المنافسة للانتاج المحلي.

و اصدار منتج مصرفي لتعزيز السيولة المصرفية و حشد الموارد لتمويل التنمية و اصلاح ما دمرته الحرب استنادا على منتج الذهب، الذي يتمتع السودان فيه بميزة نسبية، و كنت قد اقترحت بهذا الصدد الجنيه الذهبي الادخاري المحصور التداول بين المصارف في فبراير 2018 و الذي من خصائصه انه :-

1- ليس بديل للعملة التقليدية .
2- التداول فيه محصور داخل وبين المصارف فقط وهي واسعة الإنتشار والتغطية الجغرافية.
3- المصارف تعتبر نافذة لبنك السودان للشراء و التداول و يتم بيع الجنيه الذهبي عبرها بسعر البورصة .. و البيع المباشر عبر النافذه يكون في تواريخ محددة يحددها بنك السودان لإصدار عملات ذهبية جديدة حسب الطلب.

و يتم في وجود مندوبين من بنك السودان الذي يحتكر الاصدار و يقوم المصرف المعني بفتح حسابات خاصة بالجنيه الذهبي و ذلك مقابل عمولة مقطوعة تدفع للمصرف مقابل توكيله بالبيع (التسييل) و الشراء للجنيه الذهبي من مندوبي بنك السودان.
4- سعر الجنيه الذهبي مرتبط بسعر الأقفال اليومي في بورصة الذهب التي يجب أن تنشأ كخطوة سابقة لإصدار الجنيه الذهبي الإدخاري، و استنادا على سعر الدولار مقابل الجنيه السوداني في البنوك، سواء في البيع أو الشراء، و ذلك من شأنه أن يشجع على عملية الشراء .

5- يمكن للحكومة استخدامه في سداد فرق المدفوعات الدولية عند التبادل التجاري بنظام المقايضة المعمول به دوليا .
6- الأوزان المقترحة هي ( 10 و25 ) غرام لتمكين أكبر شريحة ممكنة من الاستثمار فيه.
7- يمكن شراءه بكافة العملات المتاحة في السوق حسب مؤشر البورصة امام العملات.

8- يمكن للمصارف توظيف نسبة من أجمالي حسابات الجنيه الذهبي يحددها بنك السودان كضمانة لتمويل خارجي أو تسهيل لتمويل الصادر مقابل الاحتياطيات القانونية تعوض في نهاية السنة المالية بالشراء من البنك المركزي.
9- من شأن الجنيه الذهبي زيادة موارد ديوان الزكاة باعتباره مورد ثابت يتجاوز رواتب الموظفين إلى فئة التجار وبالتالي يساهم في الحد من الفقر .

10- تداوله في البورصة يتم في مرحلة التعاقد على البيع بالنسبة للمبالغ الكبيرة بواسطة شركات الوساطة على أن يتم التنفيذ الفعلي داخل المصارف لتجنب تسربه للخارج.
11- يحد من طلب المصارف على الدولار في السوق الموازي لحفظ أرباحها من التآكل ، ويمثل فرصة استثمارية في ذات الوقت خاصة مع انخفاض قيمة الدولار مقابل الذهب.

12- يعتبر ضمانة بنكية مقابل التسهيلات المباشرة وغير المباشرة .
13- السودان يمتلك فيه ميزة نسبية باعتباره من كبار المنتجين للذهب وهذا يساهم بدوره في استمرار تدفق الجنيه الذهبي وفق حاجة السوق.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى