ثقافية

عازف الأوتار .. التاج مصطفى .. (بهجة الحياة والذوق والجمال) 

الخرطوم زحل نيوز

لم تكن (يانسيم ارجوك روح لها وحييها وبالغرام البي والشجون احكيها) أجمل ما قدم الذهبي التاج مصطفى ، بل كانت احدى روائعه التي امتلكت قلوب الجمهور ، ووضعته في المقدمة ممتلكا ناصية الابداع والفن والجمال ، والتاج مصطفى من الذهبيين اللذين لا يتكررون في الزمن القريب ، ولا البعيد .

لا أحد يستطيع ان يصل الى مكانته الفنية الصعية ،واغنياته الملهمة التي لا تصدأ ، وبما أن مايو هو الشهر الذي توفي فيه الفنان التاج مصطفى رأينا ان نقدم لمسة وفاء نستذكر فيها سيرته العطرة على صفحتنا لعلها تعبر بشكل جميل عن ماقدمه للساحة الفنية من ابداع صار ينهل من عذبه جيل وراء جيل ، نقدم في المساحة التالية مختطفات من بروفايل البلبل الغريد التاج مصطفى ومشواره الفني الأنيق.

(1)

ومن خلال ما قرأناه من توثيق له نجد ان الفنان التاج مصطفى لم يلج باب الفن ألا من خلال الدروس والعلم الموسيقي ، والحرص على ان يتعلم فنون الموسيقى قبل ان ينطلق فنانا في الساحة الغنائية وهذا هو ديدن الكبار ، والذين يعلمون مضابط ان يكون مطربا ، لذلك في بداية مشواره الفني كان مصطفى يشارك في الدروس الموسيقية التي كان ينظمها الاتحاد العام للفنانين (الاتحاد العام للمهن الموسيقية حاليا) بداره في أم درمان للفنانين لتعلم تدوين الأغاني الموسيقية على السلم الموسيقي.

وكان معه آنذاك من الفنانين الذين اشتهروا لاحقا عثمان حسين ، وعثمان الشفيع ، وأحمد المصطفى ، وصلاح محمد عيسى ، والعاقب محمد الحسن، وعلاءالدين حمزة ، كما كان يحضر الدروس التمهيدية التي قدمها الأستاذان حسني وشعلان ومن بعدهما الموسيقار المصري مصطفى كامل عازف القانون المصري وكانوا كلهم معلمين بالبعثة التعليمية المصرية بالخرطوم في (مدرسة الملك فاروق الثانوية سابقا).

كما حضر التاج الدروس التي قدمها العميد أحمد مرجان،مؤلف موسيقى النشيد الوطني السوداني ،، ومن هنا انعكست ثقافة التاج الموسيقية على أعماله الغنائية والموسيقية، وأتاحت له فرصةالعمل كمدرس للموسيقى في «الجامعة الشعبية» بالسودان. بمشاركة كل من الفنان العاقب محمد الحسن، والموسيقار إسماعيل عبد المعين، والموسيقار الإيطالي ايزو مايستريللي الذي كان يعمل في السودان آنذاك.

(2)

تأثر الراحل الفنان التاج مصطفى بفناني الحقيبة وفي مقدتهم محمد أحمد سرور وعبد الكريم كرومة وفضل المولى زنقار الذين يعتبرون من رواد فن الغناء الحديث في السودان. يقول التاج في احدى لقاءاته الصحفية التي اجريت معه :(كنت متأثراً بالفنان كرومة ،كما كنت أتابع حفلاته التي تقام في الأحياء المختلفة ،وبدأ مصطفى في ترديد أغنيات المطربين فضل المولى زنقار وعبد الحميد يوسف وحسن عطية وأحمد المصطفى وإبراهيم الكاشف.

و وقيل في ذات مرة وعندما كان يردد أغنية (أنا ما بقطف زهورك) للمطرب إبراهيم الكاشف في حفلة زفاف انتقلت خبر جودة ادائه للغناء وصوته إلى المبارك إبراهيم رئيس مجلة (هنا أم درمان) طلب مقابلته بدار الإذاعة السودانية في أم درمان. وهناك قدم التاج أغنية (فتاة النيل)، للشاعر إسماعيل خورشيد من داخل استوديوالإذاعة مباشرة. ونشرت المجلة الخبر وقدمت التاج لقرائها بالمطرب الجديد.

(3)

وفي عام 1958 م فاز التاج مصطفى بجائزة أجمل أغنية صباحية في مسابقة نظمتها الإذاعة السودانية حيث شارك بأغنية (قومي يا سلمى) للشاعر محمد دسوقي.

وكانت أول أغنية سجلها بالإذاعة هي أغنية (يا نسيم أرجوك) في عام 1946م ، وبعدها أنطلق في فضاءات الغناء فنان لا يشق له غبار ، إنتشر في البوادي والحضر عبر اثير الاذاعة السودانية.

وقدمالعديد من الأغنيات التي نالت شهرة في اوساط الجمهور السوداني وبلغ مجمل ما قدمه من أعمال غنائية حوالي (145) اغنية خلال الفترة من (1947 ـ 1962) أغنية منها: (ممكون وصابر) و(الملهمة) و (يا نسيم أرجوك) ، و (بهجة حياتي) و(رحلة في النيل) ، و(مليط) و (المقرن في الصباح) ، و(الذوق والجمال) و(أنا المعذب بالجمال) .

كما تعامل مع عدد كبير من الشعراء العمالقة منهم محمد بشير عتيق، عوض فضل الله، إسماعيل حسن، علي محمود التنقاري، الطاهر حسن السُّنِّي، إدريس عمر، فؤاد أحمد عبد العظيم، الطيب يوسف هاشم، عوض أحمد الحسين، محمد علي عبد الله الأمي، عبد المنعم عبد الحي، الأخطل الصغير، ابن المعتز، محاسن رضا، إسماعيل خورشيد، حسين بازرعة، سيف الدين الدسوقي. وغنى للشاعر اللبناني بشارة الخوري أغنية (المها أهدت إليها المقلتين)

(4)

وتقول سيرته العطرة النضرة ان اسمه الحقيقي هو محمد تاج الأولياء مصطفى ، وولد في عام 1931 م بقرية أم مرحي، وجده هو الشيخ أحمد الطيب البشير، أحد شيوخ الطريقة السمانية الصوفية. ووالدته هي حنانة مصطفى الشيخ ابنة عم والده .

نشأ التاج مصطفى وترعرع في حي المسالمة بأم درمان في بيئة فنية غنائية ضمت كلا من علي الشايقي ، وكرومة ، وسرور ، والأمين برهان ، ومحمد الأمين بادي، وأم الحسن الشايقية وعائشة الفلاتية ،قدم في مشواره السهل الممتنع . وتوفي التاج مصطفى في شهر ابريل من العام 2003 وهو في الثانية والسبعين من العمروترك ارثا فنيا صخما يعد ثروة فنية كبيرة ورائعة ، نسال الله له الرحمة والمغفرة (أنا لله وانا اليه راجعون)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى