لا اعرف حكومة تنكرت للنازحين ورمتهم وادارت لهم ظهرها كحكومة ولاية نهر النيل. اقول هذا من واقع مشاهدتى اليومية لما يعانية النازحون الذين رمت بهم حكومة الولاية في قرية التوطين (٦) في مشروع المكابراب للتوطين شرق الدامر، وتركتهم غير آبهة للهجير والعطش والظلام.
ما دفعنى لكتابة هذا المقال هو تدهور احوال النازحين وسكان القرية الاخرين ومعاناتهم فيما يتعلق بمياه الشرب… نعم فالنازحين لا يجدون مياه للشرب دعك من اي استخدامات اخري.
قبل اكثر من شهر كان النازحون يجلبون المياه بالاوانى من القناة الرئيسية لمشروع التوطين وهى مياه لا تصلح للاستهلاك الادمى وتسببت في كثير من النزلات المعوية للاطفال ولا نعلم كم من الاطفال فقدوا حياتهم بسبب المياه غير النقية، وبالطبع لا احد يهتم. رغم كل ذلك كانت مياه القناة تحل لهم مشكلة الشرب وغيرها(بمشوا بيها فالضرورات تبيح المحظورات)!
المؤسف، قبل حوالى الشهر توقفت طلمبات المشروع الزراعي تماما وجفت القناة الرئيسية، وكنتيجة لذلك ماتت كل المحاصيل في الحواشات المزروعة (حوالى ٦ الف فدان) واختفت ادارة المشروع ولا احد يعلم ماذا يحدث ومتى سيتم معالجة الامر بعد ان خسر المزارعون كل محاصيلهم.
لكن الاخطر من موت المحاصيل هو جفاف القناة كمصدر رئيسي للمياه لسكان القرية (٦). ويصدم الانسان وهو يشاهد الاطفال والنساء في القرية يحملون الاوانى المنزلية و (الجركانات) في هجير لافح بحثا عن باقي مياه راكدة في الاماكن المنخفضة من القناة الرئيسية.
وحتى هذه نضب اغلبها وما تبقي في طريقه لينضب بعد تدافع المواطنين عليه. كل ذلك وحكومة الولاية تمارس الصمت المطبق وتتصرف وكأن الامر لا يعنيها. لا احد يحرك ساكنا ولا مسؤل يظهر ليقول للمواطنين ماذا يحدث ومتى ستحل المشكلة..! صمت مميت!
اكثر من ذلك تمدد العطش لقري التوطين الخمسة الاخري، وهولاء بجانب انهم فقدوا محاصيلهم اصبحوا الآن يكابدون من اجل الحصول على مياه الشرب ولا يبدو ان هنالك حل في الافق مع الصمت المطبق الذي تمارسه حكومة الولاية على الكارثة.
لا احد يدرى ما هى معضلة توصيل المياه للقرية (٦) ولماذا تتجاهل حكومة الولاية ابسط ضروريات الحياة لهولاء المواطنين. إن لم تكن المسؤولية السياسية والاخلاقية كافية لتحريك المسؤولين لحل المشكلة فاليتقي هولاء الله في هولاء البشر الذين رمتهم اقدار الصراع تحت رحمتهم.
انه لأمر صادم ومؤسف ان تفشل حكومة الولاية في توفير المياه للناس، ولا اجد تفسيرا لما يحدث غير التسيب والاهمال ومعاملة المواطنين كأنهم جزء من سقط المتاع!
لست في حاجة للتذكير ان ما يحدث في القرية (٦) وقري التوطين الاخري قنبلة امنية موقوتة وما هى الا ايام معدودات وتنفجر لتزيد اعباء امنية خطيرة لولاية تتربص بها المليشيا ليل نهار.
وان كانت حكومة الولاية عاجزة عن توفير الماء للمواطنين في موقعهم الحالي فعليها ايجاد بديل لهم تتوفر فيه المياه، قبل ان يتحول فشلها لمشكلة امنية يصعب التنبوء بمآلاتها.
في الختام ادعو المنظمات والمهتمين لزيارة القرية (٦) للوقوف بأنفسهم على حجم المأساة التى تعكس حجم الفشل وسوء الادارة وعدم الاكتراث بحياة الناس.
لم اعد متأكدا ان كان بولاية نهر النيل حكومة!
ما اسهل ان تحكم منطقة ما في بلاد السودان! لا اتحدث عن توصيل خدمات الكهرباء او الخدمات الصحية او التعليمية او غيرها، انما اتحدث عن الماء … مياه الشرب للأسر!
هذه الارض لنا