علي عسكوري يكتب: زوبعة جنيف
علي عسكوري يكتب: زوبعة جنيف | حسنا فعل الرئيس برهان بعدم ارسال وفد لاجتماعات جنيف التى دعا لها وزير الخارجية الامريكي.
جاء موقف الرئيس متطابقا تماما مع الرغبة الشعبية الكبيرة في عدم المشاركة في الاجتماعات التى ستكون محصلتها النهائية وان اجتهد المفاوضون تقنيين وجود المليشيا في المناطق التى تحتلها.
وضمان مشاركتها في الترتيبات الامنية لدمج ما تبقي منها في القوات المسلحة وتقنيين وجودها ووجود جناحها السياسي (تقدم) في الحياة السياسية. هذا باختصار ما تسعي له امريكا و شريكتها دولة الامارات.
امريكا والامارات يسعيان لسيطرة كاملة للمليشيا على الحياة السياسية والعسكرية من خلال المفاوضات وذلك هو مغزى حديثهم عن وقف الحرب وتحقيق السلام قبل تنفيذ اتفاق جدة. بمعنى آخر يسعيان بالمفاوضات لتحقيق ما فشلا في تحقيقه بالحرب..!
مع بداية الحرب، توقعت الامارات وامريكا فرار ضباط وجنود الجيش وانتهاء العملية في عدة ساعات او يوم بالكثير وقال شيطانهم الاكبر انهم يسيطرون على ٩٠% من العاصمة او هكذا ظن..!
لصدمة الدولتين والمليشيا حدث عكس ما توقعاه تماما، وانكشف خبل وشطط امالهم. لم يهرب ضباط الجيش والجنود كما توقعوا، بل قاتلوا في استماتة دفاعا عن بلادهم ووطنهم وكشفوا عن شجاعة وبسالة وجسارة لا نظير لها.
هذه الحقيقة التى يعرفها كل من تعامل مع السودانين ودرس تاريخهم ثبت ان الدولتين والمليشيا لا يعرفوها ولا يعرفون طبيعة الشعب السوداني الذى تجسد طبيعته ابيات عنترة:
اثنى علي بما علمت فإنني
سمح مخالطتي اذا لم اظلم
واذا ظلمت فإن ظلمى باسل
مر مذاقته كطعم العلقم
هكذا هو الشعب السودانى جميل الخصال، كريم الشمائل لكنه تحت كل الظروف لا يرضي الهوان والذل ولا ينكسر امام اقصى درجات الغدر والخسة والندالة، هذا درس تحتاج المليشيا وداعموها ان يعلموه، حتى لا يقعقع احد بالشنان للشعب السوداني مرة اخري..!
كان من الطبيعي ان يقف كامل الشعب وقواته المسلحة وجهاز الامن والمستنفرين موقفهم المبدىء القائم على رفضهم الكامل لاى نوع من وجود المليشيا عسكريا او سياسيا مهما كانت التكاليف وبأى صبغة تلونت جنيف. ان كانت امريكا ترغب في علاقة مع الشعب السودانى عليها احترامه ووقف مؤامراتها ضده!
يعلم كل الشعب ان اي مشاركة في اجتماعات جنيف في حقيقتها تجريب للمجرب وتضييع للوقت واهدار للموارد وصرف للانظار عن المعركة الحقيقية الدائرة لكنس المليشيا واخراجها صاغرة من الاعيان المدنية و منازل المواطنين و الاراضي التى احتلتها وشردت سكانها.
طالما رفضت المليشيا تنفيذ اتفاق جدة و تواطأت امريكا عن قصد لعدم حملها على تنفيذ اتفاق وقعته بكامل ارادتها، كيف نضمن ان تلتزم المليشيا بنتائج اى مفاوضات جديدة حال قيامها.
الامارات شريكة في الحرب وامريكا ليست اقل تورطا، وهل يعتقد احد ان امريكا ليست على علم بما تفعله الامارات او انها عاجزة عن توجيه الامارات لوقف دعمها للمليشيا ووقف تزويدها بالعتاد الحربي!
ونحن نعلم ان بعض التصريحات السالبة في حق الامارات التى تصدر من بعض المصادر فى الادارة الامريكية هى تصريحات محسوبة و متفق عليها مع الامارات مسبقا و ما هي في حقيقتها الا تبادل ادوار حدث في كثير من الحروب في السابق ليتضح لاحقا ان ما كان يجري مرتب تماما بين الاطراف المشتركة في الجريمة.
القرار الذى اتخذه الرئيس اتساقا مع توصية وفده الى جده بعدم المشاركة في اجتماعات مكشوفة ومفضوحة الاهداف عزز من وحدة الصف الداخلى وتماسك الجبهة الداخلية، وهو امر بالغ الاهمية في ظل الاستهداف والحرب الحالية على بلادنا.
ان الحفاظ على وحدة وتماسك الجبهة الداخلية اهم بكثير من المشاركة في اجتماعات تسعى لتقنين وجود المليشيا في بلادنا والعفو العام عن جرائمها الأمر الذي يصطدم مباشرة مع رغبة الشعب في دحرها وكنسها تماما.
ان اكثر ما تخشاه الامبريالية و القوى الاستعمارية هو توحد الشعب مع قيادته. ولذلك يجب ان نعمل جميعا قيادة ومواطنون على الحفاظ على الوحدة الحالية، فنحن على مشارف انتصار كبير لا يرغب اعداؤنا في تحقيقه. اجتماعات جنيف ومن شاكلتها في المستقبل ما هى في جوهرها الا محاولات لقطع الطريق على انتصارنا.
هذه الارض لنا