مجتمع

عن المسكوت عنه التعبير عن المشاعر ممنوع بأمر المجتمع

الخرطوم _ زحل نيوز

عن المسكوت عنه ..التعبير عن المشاعر .. ممنوع بأمر المجتمع

كثيرا ما يخرج بعض الازواج على صفحاتهم بمواقع التواصل المختلفة ليعبران لبعضهما عن مشاعرهما ، مثلا يضعان صورة ويعلقان عليها ، وكان ان وضعت إحدى الزوجات على صفحتها صورة لزوجها وكتبت عليها من كلام الحب والغرام ما كتبت .

، ولكن جاءت كل التعلقات على هذا المنشور الإيجابي سلبية ، نساء ورجال انتقدوا هذه الخطوة بحجة أنه لا يحق للمرأة المجاهرة بالعاطفة تجاه شريك حياتها أمام الناس، وأصبحت تهمة خدش الحياء تطارد كل من يحاول الإفصاح عن مشاعره علنا في مجتمعنا السوداني.

لتصعب فكرة التعبير العلني عن المشاعر الإيجابية من حب واهتمام وتقدير وامتنان بين الأزواج خصوصا، وذلك بسبب ثقافة العيب فيصبح كل من يتجاوز هذه القيود ملاحقا بتهمة عدم الحياء وانه يقلد في (الكفار)

ثقافة العيب:

ثقافة العيب صارت متجذرة في مجتمعنا السوداني ، بعدما سيطرت عادات وتقاليد وأعراف على عقول الكثيرون مهما علا تعليمهم فهم يتعاملون مع العلاقة الزوجية داخل إطار محدد ولا يجوز لأيّ طرف الخروج عن قواعده. ولا يحق الزوجة ان تمدح زوجها امام الناس ، ولا حتى ان تعبر له عن مشاعرها على صفحتها الخاصة على الاسافير ، وان فعلت ستجد من النقد ما تجد خصوصا من النساء.

تصرف مثالي:

الاعلامية (م) قالت انها ندمت اشد الندم عندما شاركت اصدقائها صورة لها مع زوجها وعبرت عن عاطفتها وحبها لزوجها فوصلت التعليقات على الصورة لدرجة الشتائم ، وقالت: مع اني اعتبره تصرف مثالي فأنا لم افعل شيئا غير انني أظهرت حجم امتناني ناحية شريك حياتي، لكن مالت غالبية التعليقات لتصنيف ما نشرت على أنه خروج عن العرف المجتمعي، بحجة أن بيت الزوجية هو المكان الوحيد الذي يجب أن يتبادل فيه الزوجان عبارات الحب

خارج السرب:

الطبيبة نمارق قالت :باتت تهمة خدش الحياء عند فئة من المجتمع تطارد كل من يحاول التغريد خارج السرب،، ومهما امتلك الطرفان من تفسيرات منطقية، فإنهما لا يسلمان من تلصص من ينصبون أنفسهم حماة للأخلاق.فيمنعون المرأة ان تعبر عن مشاعرها وكذلك يعتقدون الرجل اذا قام بذلك أنه مجرد من الخجل ولا يحترم قوانين المجتمع التي ترفض ذلك جملة وتفصيلا.

غرف رجعي:

وقالت استاذة علم الاجتماع ميمونة علي أن التعبير عن المشاعر ثقافة مجتمعية غائبة

في حين أن المجاهرة بالعاطفة بين الشريكين على مرأى من الناس قد تُحدث تأثيرا إيجابيا في حياة أزواج آخرين تسلل إليهم الملل وأصاب الجفاء علاقاتهم العاطفية وصاروا يعانون من الخرس الزوجي في التعبير عن المحبة، وهو من المسببات الرئيسية لارتفاع معدلات الطلاق ،

واضافت :من الخطأ اختزال تقويم السلوك في العيب والحرام لأنه يورث عرفا رجعيا وتنمي العادات التي تحظر على كل من الرجل والمرأة القيام بتصرف خارج المألوف، أو يتناقض مع التقاليد التي تفرض على الزوجين أن يتعاملا معا خارج المنزل بطريقة شبه رسمية ومنضبطة وعدم المجاهرة بتصرف عاطفي.

ضد الوقار:

ويرى متخصصون في العلاقات الاجتماعية أن الانغلاق الفكري والثقافي لشريحة كبيرة من الناس يكرس الرجعية ويقطع الطريق أمام دعوات تحاول التمرد ضد ثقافة العيب، وهذه إشكالية تحول دون تحرر الأجيال المنفتحة من الوصاية، خوفا من الاتهامات التي تطالهم بارتكاب فعل فاضح يستدعي العقاب.,

وقالوا متأسفين أن هناك تيارا يتعامل مع مجاهرة الزوجة لشريكها بالمودة والعاطفة على أنه انكسار، وإذا حدث ذلك من الزوج قد يُتهم بضعف في مكونات الرجولة التي تفرض عليه أن يكون خشنا ولا يهبط إلى مستوى الاحتياج العاطفي بما يجعله ضعيفا أو مستسلما، باعتبار أن إظهار المحبة للزوجة إن لم يكن عيبا فهو ضد الوقار.

إنفصام الشخصية:

التعبير عن المودة بين الزوجين أمام الناس تصرف حميد، لكن المثير للانتباه أن شريحة من المعترضين يغضون الطرف عن مشاهد تعج بها شبكات التواصل الاجتماعي وكلها أفعال خادشة للحياء، ما يوحي بوجود فئة لديها “انفصام شخصية” أو صراع مع النفس أو مشكلة مع طرف يحاول كسر الأعراف بإيجابية. كما أن التعبير عن المشاعر أمام الناس يعزز الثقة بالنفس وهذه ثقافة مجتمعية غائبة، وإذا أقدم أحد على فعلها يتعرض لاتهامات كأنه يتعمد الخروج عن الصف العام.

جمود عاطفي:

بينما يرى خبراء أن بعض المجتمعات تعاني من الجمود العاطفي لأن أصوات من يرتدون ثوب الفضيلة أعلى من صوت التحرر والانفتاح، وهو ما يفسر ثورة الغضب ضد كل من يحاولون التعبير عن مشاعرهم بتقدير واحترام بلا تجاوز للأعراف والتقاليد، وهذا يرجع إلى طبيعة التربية نفسها التي صارت تحكمها ثقافة العيب.عن المسكوت عنه ..التعبير عن المشاعر .. ممنوع بأمر المجتمع

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى