ثقافية

فتيات ينظمن الشعر و يصنفهن انفسهن (حكامات)

الخرطوم _ زحل نيوز

معروف ان الشعر الشعبي النسائي في الأصل يمثل مايحدث في المجتمع ، وهو شعر يتحدث عن البطولة والفخر والرثاء ، وأغراضه المعروفة مثل المدح والذم والغزل .وغير ذلك ، هو فن أو ضرب موجود فيما عرف بغناء البنات ، والشعر النسائي الشعبي ، كان ولايزال موضوعا للغناء والترنيم ، وعادة السودانيون لايرددون الشعر الا ملحنا .

وولايتا كردفان ودارفور اشتهرتا على مر التاريخ بمجموعات من النساء لديهن السلطة والمكانة المرموقة وسط القبائل ، ويمثلن مستودع تاريخ القبائل وخزائن تراثها ، وهن اللاتي يعتبرن نساء حال القبيلة ، وراصد حركاتها وسكناتها ، وافراحها اتراحها ، وبمثابة الاعلاميات الشعبيات لمجتمعاتهن يقرضن شعرا عاميا جميلا . وفي كل منطقة او قبيلة هناك حكامة معروفة ومشهورة .تنظم كلماتها بحكمة ودراية. تمدح أو تذم . أو تقول شعر الحماسة ووالتشجيع

إلا أنه في الفترة الاخيرة كان هناك ظهور لافت لبعض الفتيات اللائي يصنفن انفسهن ك(حكامات) ، أولئك الفتيات بالفعل يمتلكن حاسة شعرية جيدة ،ويكتبن الحماسة وغيرها ، الا ان ما يكتبنه لا يمت إلى ما ننشده الحكامة بصلة .

وقد جلست ذات مرة إلى احداهن وكان قد قدمها لي زميلها بأنها (حكامة) فهي صغيرة في سنها ترتدي الزي الافرنجي ، (ناعمة) في حديثها وفي الشعر الذي تكتبه ، خريجة جامعية تكتب في الحب والهجر وبعضا من الحماسة فقط ،بل أن بعض الشعر تصطنعه اصطناعا فأين الحكامة هنا؟؟

وحسب علمنا أن الحكامات جلهن اميات ولكنهن يطلقن الشعر بالفطرة ، وتتنوع اشعارهن مابين المدح والفخر والرثاء والهجاء ، والكرم والجود ، ومدح الكثيرات لأفراد قبائلهن ، وهن دائمات الفخر بالاهل والعشيرة ، ويتمتعن بجرأة نادرة وشجاعة في إبداء اعجابهن بالرجال دون تحفظ أو خجل.

بينما (تتخجل) تلك الجامعية ولاتبدي ماتشعر به تجاه الاشياء ، والأشخاص بشجاعة كما تفعل الحكامة الحقيقية ، التي عاشت في البادية وغاصت في تفاصيل هضابها وجبالها ووديانها وصحرائها ، أما التي تسمي نفسها حكامة حضرية فتلك علينا أن نطلق عليها حكامة (مودرن)

الاستاذة سهير التوم المهتمة بشعر الحمامات ةشعر البادية قالت ل(تسامح نيوز) :شعر الحكامات أو الشعر الشعبي النسائي فيه حقائق تاريخية ،وسير وبطولات سجلتها الشاعرات المفاخرات بالابطال والقبيلة والشجعان من الرجال .

أما الشعر الذي يصنع صناعة في المدرجات الجامعية ،وفي الحدائق على شاط البحر لايمكن ان نسميه (شعبي) أو شعر حكامات وقالت مع تطور الحياة والوعي المجتمعي، أصبحت الحكامة داعية سلام عبر أغنياتها لإيقاف القتال ونبذ الفتن والعنف، وخاصة بعد الصراع القبلي الذي شهدته بعض مناطق السودان.

ولكونها شاعرة شعبية وناطقة بكلماتها المؤثرة، استطاعت أن تكون جزءاً من منظومة الحكم الأهلي، ما جعل الحكومة تعمل على استغلالها في تنفيذ سياساتها التنموية بالمنطقة وتعدها تجربة ناجحة.. ولكن الفتيات اللائي يقرضن الشعر حاليا هن شاعرات حديثات فقط وكل صفقات الحكومة لا تنطبق عليهن

عموما .. هناك كثير من ألاقوال تتحدث عن ان الحكامة هي التي تضع قوانين وأسس المجتمع في الأخلاق والكرم والشجاعة والجود، وهي التي تثير الحروب بين قبائل المنطقة أو توقفها من خلال الأشعار والأهازيج والأقوال المرتجلة التي تنطق بها.

وتجد الحكامة احترام كل أفراد القبيلة والمجتمع ويتقرب إليها كبار العشيرة حتى تتحدث بمفاخرهم وتذيعها في القبيلة والقبائل المجاورة التي تتناقل ما تقوله الحكامات …

والحكامة أيضا هي حافظة تراث القبيلة وتاريخها وسير أبطالها… ترويها في أفراحهم وأتراحهم… وهي التي تخلد سيرة موتاهم بقصائد غاية في البلاغة والروعة. وعلى الرغم من أن معظم الحكامات أميات، لكهن يقلن الشعر بالفطرة، ما أكسب أشعارهن نوعا من المصداقية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى