لا تبرؤوهم | علي عسكوري
لا تبرؤوهم | علي عسكوري |
استمعت عدة مرات الى بعض المعلقين والمحللين عن حالة المليشيا وتهاويها – للاسف بعضهم بخلفية عسكرية – يتحدثون عن انفراط عقد المليشيا و انقطاع التراتيبية الادارية والقيادية بين اوباش المليشيا على الارض الذين يرتكبون الجرائم وبين القيادة السياسية والعسكرية حيث يشيرون ان وضع تراتيبية القيادة اصبح مشلولا paralysed chain of command
بمعنى ان الاوباش على الارض اصبحوا يتصرفون من عندهم دون تعليمات من القيادة السياسية والعسكرية!
يتخذ بعض المحللين هذا الفهم للاستدلال على تهاوى المليشيا و كبينة على هزيمتها وانفراط عقدها وتفكك منظومتها.
هذا التحليل وهذا القول امر في غاية الخطورة لانه في حده الادنى يمنح صك براءة للقيادة السياسية ممثلة في “تقدم” عن مسؤوليتها عن ما يرتكبه اوباشها من جرائم على الارض!
في حقيقة الامر فإن التراتيبية القيادية بين القيادة السياسية (تقدم) وبين قيادة مليشياتها في غاية الانسجام والتماسك وكل ما تقوم به المليشيا على الارض يصدر من القيادة السياسية (تقدم) ولذلك فإن المسؤولية الجنائية تتحملها تقدم اولا قبل الاوباش على الارض.
ولكى ادلل على ما اقول ، انظر لتحركات المدعو القونى واسفاره المستمرة بين جنوب افريقيا، نيروبي، اديس ابابا، لندن وابوظبي، ولقاءاته المتواصلة مع قيادات تقدم في كل هذه المدن. يمكننا وبناء على كل تلك التحركات ان نستنتج ببساطة ان الرجل هو قناة الربط بين القيادة السياسية (تقدم) وبين جناحها العسكرى وهو من ينقل تعليمات القيادة السياسية للجناح العسكري ليتم تنفيذها عمليا على الارض مثل الهجمات على القري الامنة وقتل المواطنين الابرياء لتحقيق اهداف سياسية وضعتها القيادة السياسية مسبقا .
انظر ايضا لتحركات حمدوك واسفاره الكثيرة بين العواصم الداعمة لتقدم ومليشياتها. وكما نعلم جميعا ان حمدوك ليس له قواعد جماهيرية تبرر اهتمام العالم به، لكن العالم يعلم ان لحمدوك مليشيا تأتمر بأمره وتقاتل لتحقيق الاهداف التى يضعها. ذلك هو سر اهتمام العالم به.
انظر ايضا لتواصل الامداد والتشوين للمليشيا وشبكات النقل للعتاد والادوية و نقل المصابين وكل ما تحتاجه العمليات العسكرية، فإن كانت القيادة قد انفصلت عن جنودها على الارض كيف يتم الترتيب لنقل كل ذلك العتاد وتوصيلة للاوباش في جبهات القتال..! كل هذه البينات تؤكد ان حمدوك على تواصل دائم مع قادة مليشياته فيما يختص بتوفير الاسلحة والعتاد الحربي وبقية المسلتزمات من ناحية، واصدار التعليمات والاوامر العسكرية لقياداته على الارض لتحقيق الاهداف السياسية من الناحية الأخري.
كذلك انظر لتوافق العمليات العسكرية مع حملات تقدم المنظمة في اوساط الدول الداعمة للمليشيا وفي الامم المتحدة كما حدث قبل اجتماع مجلس الامن الاخير، وارتكاب المليشيا لجرائم خطيرة في الجزيرة لدعم الطلب الذى تقدمت به تقدم بارسال قوات اممية لحماية المدنيين. الجرائم التى ارتكبتها مليشيا تقدم في الجزيرة كان الغرض منها خلق مبررات قوية كي تقدم لمجلس الامن كمبررات لطلبها الموافقة على ارسال قوات لحماية المدنيين!
بناء علي ذلك فإن الزعم بأن تراتيبية القيادة والسيطرة قد انهارت وان الاوباش على الارض يتصرفون من عندياتهم ويقتلون الابرياء ويستبيحون القرى الامنة امر غير صحيح. الاخطر من ذلك ان هذا الزعم يعفي القيادة السياسية (تقدم) والقيادة العسكرية (دقلو اخوان) من المسؤولية الجنائية عن الجرائم التى ترتكب في المواطنينن.
ان المسؤولية الجنائية الكاملة عن كل الجرائم هي مسؤولية تقدم بوصفها القيادة السياسية التى تصدر التعليمات لجناحها العسكري ليقوم بتنفيذها على الارض لتحقيق الاهداف التى وضعتها، يلى ذلك القيادة العسكرية ومن بعدهما الاوباش الذين ينفذون التعليمات على الارض.
من الضرورى عدم التفريق بين تقدم كقيادة سياسية وبين مليشياتها، فهما في حقيقة الامر تنظيم واحد، يعمل بانسجام تام كما تعمل اى حركة سياسية لها جناح عسكري.
الزعم بانهيار منظومة القيادة لتقدم ومليشيتها يبرىء تقدم من مسؤوليتها الجنائية عن الجرائم ولذلك يجب عدم ترديده. الصحيح ان تقدم مسؤولة مسؤولية كاملة عن جرائم جناحها العسكري وان الاوباش على الارض ينفذون تعليماتها.
هذا لا يعن ان تقدم ومليشيتها ليستا على وشك الانهيار، لكن من الضرورى الا نتجه في خطابنا وتحليلنا لمنح صك براءة لتقدم نتيجة لمحاولة الاستدلال على انهيار المنظومة.
ستنهار تقدم ومليشيتها وسينتصر شعبنا وقواتنا المسلحة وستتحمل تقدم كل جرائم مليشياتها وسيحاسب قادتها بوصفهم المسؤل الاول عن الجرائم التى وقعت منذ ١٥ ابريل ٢٠٢٣.
هذه الارض لنا