مؤسس مجلة الصبيان وقصة عمك تنقو
مؤسس مجلة الصبيان وقصة عمك تنقو | لقد فقد السودان طوال العشرون عاما الفائتة المكتبات التي ينهل منها الاطفال العلم والتعلم . حيث لم يهتم القائمين بامر التعليم بانشاء مكتبات للطفل .حيث انتهى ذلك الاهتمام منذ سنين طويلة حيث لم يواصل التربويين ما بدأه الاستاذ عوض عوض ساتي وهو من الرعيل الأول للحركة التعليمية والتربوية والوطنية في السودان.
الذي ولد بمدينة الدويم بالنيل الأبيض في العام 1901م، ودرس في كلية غردون والتحق بالجامعة الأمريكية في بيروت متخصصاً في الرياضيات والفلك.. وعمل أستاذاً بكلية غردون وأميناً عاماً لمؤتمر الخريجين منذ عام 1942م وحتى 1944م.
امتاز بغزارة علمه وطيب معشره ودماثة خلقه وحبه للعلم والتعليم. وبعد تخرجه عمل معلما بالمدارس. ثم بعث إلى جامعة بيروت الأمريكية للتخصص في الرياضيات. درس الفلك كفرع من الرياضيات. اصبح ناظراً لمدرسة وادي سيدنا الثانوية.
أول مدير سوداني لوزارة المعارف.
أول سفير للسودان ببريطانيا عند الاستقلال.
لما تقاعد رجع لمهنة التعليم فدّرس الرياضيات في الأحفاد الثانوية.
ويعتبر ساتي رائد لمكتبة الطفل السوداني حيث أسس مكتب النشر التربوي وابتكر فكرة مجلة (الصبيان) وأصدرها من ذات الدار كأول مجلة للأطفال في الوطن العربي سنة 1946م.
كان يعد أحاديث ممتازة عن العلوم والفلك للإذاعة السودانية جذبت اهتمام المستمعين.
كان أول مدير لمكتب النشر فشجع التأليف للاطفال.
أخرج مجلة (الكبار) لمساعدة من تخرجوا من حملات محو الأمية ويعتبر من خيرة المترجمين في السودان .
يحكي الأستاذ محمد أحمد تنقو من أسرة تنقو الشهيرة بمدينة الجنينة، أن الأستاذ عوض ساتي صاحب فكرة دار النشر التربوي ومجلة (الصبيان) كان في زيارة لبخت الرضا سنة 1946م برفقة أسرة تحرير مجلة (الصبيان) الرسام إسماعيل ود الشيخ والمحرران بشير محمد سعيد وجمال محمد أحمد..
واضاف كنا نلعب كرة القدم يومذاك وكان التلاميذ ينادونني اجري يا تنقو.. ألعب يا تنقو فألتقط عوض الاسم وزين به مجلة (الصبيان) في صفحة عمك تنقو.. فاستفاد من الاسم وابتكر الشخصية التي ظلت راسخة في الوجدان الشعبي السوداني.
دار النشر التربوي كانت بمثابة مركز للإشعاع الثقافي التربوي، فكانت تصدر مع الصبيان مجلة (الكبار) وتصدر كتباً ثقافية في المدارس شهرياً..
عرف عن الاستاذ عوض ساتي الهدوء والنظام الدقيق والذكاء الخارق وكان يلجأ للبدائل في حل المشكلات ..
عوض ساتي كان وطنياً غيوراً التحق بمؤتمر الخريجين مع إسماعيل الازهري وكان مستقلاً لم يلتحق بأي حزب من الأحزاب .. وهو أول سفير للسودان في لندن سنة 1956م، وبعد عودته من لندن عاد للعمل في المدارس الثانوية كمعلم للرياضيات..
يُعتبر الأستاذ عوض ساتي هو أول الدبلوماسيين السودانيين الذين كان تاريخ اهتمامهم بالأدب سابقاً لغيرهم من الدبلوماسيين وذلك بحكم سنه وتجربته وانضمامه لسلك المتعلمين قبل غيره من الدالفين نحو الدبلوماسية السودانية، إذ بدأ عوض ساتي تعليمه بكلية غردون عام 1928م.
كتب عوض ساتي عدداً من المقالات الصحافية ذات الطابع الاجتماعي والأدبي بمجلة كلية غردون في العشرينيات حتى العام 1932م عام تخرجه فيها معلماً للرياضيات، فقد ظل حفياً بالكتاب والكتابة حتى أوصلته حالة عشقه للقراءة والكتاب لإصدار مجلة الصبيان.
في مجال اهتمامه بالأدب أهدى المرحوم عوض ساتي للسودان ما جمعه حين عمله سفيراً بلندن كأول سفير سوداني يحط رحاله بها كتباً في مجال اللغة الإنجليزية لطلاب المرحلتين الوسطى والثانوية ككتب قراءة حُرة خارج المنهج الأكاديمي وذلك عن طريق علاقاته المتعددة برموز التعليم في بريطانيا.. فلا عجب أن يهتم المعلم السابق حين عمله سفيرًا لبلاده بأمر العلم والمعرفة فكان مهتماً بأمر القراءة والمعرفة لطلاب ووطنه.
قامت ابنته الدكتورة حسنات بمجهود كبير في جمع كل حلقات برنامجه الشهير (ركن العلوم) في كتاب من جزئين حوي كل ماتناوله الراحل في البرنامج الذي كان يبث عبر الاذاعة السودانية وقد بذلت فيه مجهودا خرافيا في جمع المادة من دار الوثائق القومية.
وهو ما اتاح للقراء التعرف علي مادة علمية قيمة ماكان لها ان تصل لهم لولا هذه الابنة البارة التي تعكف الان علي اصدار كتاب ثالث عن سيرة الراحل عوض ساتي الذي يستحق عن جدارة لقب (دائرة المعارف) ..
قدم لكتاب ركن العلوم عدد من الذين زاملوا الراحل ابرزهم البروفيسور يوسف الخليفة ابوبكر الذي قال ان هذه الاحاديث رغم انها قدمت قبل اكثر من نصف قرن الا انها ثابتة بوصفها حقائق علمية وليست نظريات قابلة للتغيير فقد اختار الاستاذ عوض ساتي من الموضوعات الطريف مما يتصل بحياة الانسان السوداني في البيئة التي يعيشها..
حتفظ عوض ساتي بالأعداد الأولى من مجلة (الصبيان) التي صدرت في الأعوام «46 – 47 – 1948م» في مجلدات وهي الآن بطرف ابنته حسنات.
يظل الاستاذ عوض ساتي الوكيل الأسبق لوزارة التربية والتعليم والمؤسس لدار النشر والمبتكر لفكرة مجلة (الصبيان) علامة فارقة في تاريخ السودان وإضافاته وعلمه الغزير ما زال يمشي بين الناس.
توفى عوض ساتي في 9 يناير 1972م تاركا وراءه ثروة علمية وادبية لا تقدر بثمن .