مقالات

منى أبوزيد تكتب : نيران صديقة..!

الخرطوم _ زحل نيوز

“قيمة الإنسان شجرة وعي، والديموقراطية أهم عناصر تمثيلها الضوئي” .. الكاتبة ..!

دعني ألخص لك مضمون هذا المقال في عبارة واحدة، ثم أترك لك خيار قراءة التفاصيل على النحو الذي يروق لك، ومن ثم الوقوف معها أو الوقوف منها على الوجه الذي تراه مناسباً..!

معظم المواقف والتصريحات التي يجاهر بها أهل الحل والعقد بشأن رؤيتهم لمجريات ومآلات هذه الحرب لا تمثل المتغيرات التي طرأت على قناعاتهم الحقيقية، ولا تستصحب ذلك التغيير الهائل الذي نشب في أعماقهم بشأن أيلولة استمرار الحرب وصيرورة الوصول إلى السلام، بعد مرور عام وبضعة أشهر على أسباب ومبررات اندلاعها..!

الخلافات التي اندلعت في تنسيقية تقدم قبل فترة، والانشقاقات التي بدأت تدب بين قيادات الدعم السريع من جهة، واختلاف مواقف قيادات الإسلاميين بشأن قضية التفاوض مع الدعم السريع من جهةٍ أخرى، كلها مؤشرات على وصول مرافعات الرأي والرأي الآخر داخل تلك الكيانات إلى منزلة الرمق..!

هذه الحرب أوصلت كل أطرافها للمتناحرة وفئاتها الباغية إلى منعطف الإدراك العميق الذي يعقب الإصرار على الإنكار من جهة لكنه يسبق الجنوح إلى التسليم من جهةٍ أخرى..!

وعلى الرغم من وقوف الجميع على أعتاب المآلات البغيضة التي تخلفها الحروب ما تزال المكابرة هي “بسوس” المرحلة التي تسيطر على الخطابات وتترأس الحوارات، ليس لشيء سوى أن المكابرة هي منطقة الراحة التي يخشون مغادرتها..!

لماذا يحترق البعض بقذائف النيران الصديقة ومؤامرات “الأعدقاء” ومع ذلك يختارون الاستمرار في الانتماء إلى مواقف عامة ومعلنة لكيانات سياسية ما عادت تمثل مبادئهم الديمقراطية ولا قناعاتهم الوطنية ولا طموحاتهم الإصلاحية..؟

لأنهم يخشون أن يقفزوا في الظلام فتتلقفهم أيادي المتربصين. يخافون أن يعبروا إلى المجهول بلا سند تمثله كيانات سياسية قوية وواضحة للعيان يتكئون عليها في أثناء حماستهم لإحداث التغيير واجتهادهم في العمل على نفض عدتهم الحزبية القديمة وإصلاح مناهجهم السياسية..!

إنه الشعور بالخوف من مغادرة منطقة الراحة، هو ذلك الرعب الذي يجتاح الواحد منا لمجرد التفكير بتغيير مكانه خارج دائرة الأمان، وانعدام ثقتنا في مقدراتنا على الصمود والصبر والتَخلِّي، بانتظار الوصول والقبول والحلول والتَجلِّي..!

نحن ننطفيء شيئاً فشيئاً في أثناء خشيتنا على فقدان بريقنا، ونضعف رويداً رويداً في أثناء تمسكنا بقوة الأمر الذي يقع علينا وانصياعنا لسطوة العرف الذي يهيمن علينا..!

إنها معارك البشر الخطائين مع أنفسهم وأرواحهم وقلوبهم، تلك المعارك التي تقودها عقولهم – بطرائق تفكيرٍ قاصرة – للدفاع عن صيرورة حيَواتهم الُمبرمجة الرَّتيبة، ومواقفهم الحافلة بألوان الشرور، والزاخرة بصور الأحزان والخذلان والتعاسة. إنها معارك الذوات الواعية والنفوس الحرة والأرواح المتحررة ضد معاقل الخوف وأغلال العجز وسجون الاعتقاد..!

كل العظماء الذين غيروا مجرى التاريخ أدركوا تلك الحقيقة. فكَّروا وقرَّروا، ثم خرجوا – طائعين مختارين – من دوائر أمانهم ومناطق راحتهم، واحتملوا تبعات خروجهم، وصبروا على عوائق التغيير، واجتازوا مهالك الإحجام، واجتنبوا مزالق الأحكام، فعبروا وانتصروا..!

فماذا يخشى المُختلفون، وماذا ينتظر المُنشقون؟. الإجابة على هذا السؤال هي مربط فرس المقال ..!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى