هل ستوجه دولة الإمارات ضربة جوية للسودان؟ | د. محمد عثمان عوض الله.
هل ستوجه دولة الإمارات ضربة جوية للسودان؟ | د. محمد عثمان عوض الله.
الجميع يتمنى أن تكون الإجابة على السؤال الوارد في عنوان هذا المقال ب (لا)، ومايزال الكثيرون يستبعدون حدوث ذلك ولو من باب الرجاء الحسن.
كما كنا جميعا نستبعد أن يشن حميدتي الحرب على المجتمع السوداني و على الدولة التي كان هو نائبا لرئيسها.
ولكنه قد فعل. الان السؤال ما هي المؤشرات التي يمكن أن نبني عليها للدلالة على بحث دولة الامارات على مسوغات ولو إعلامية لتشرعن بها أو تمهد بها لشن حرب مباشرة على السودان؟ الإجابة، فعلا توجد هنالك عدة مؤشرات منها:
أولا ماتزال الامارات تتزعم مشروعا دوليا له أجندة محددة و معلنة في السودان منها تنصيب العملاء و التحكم في الثروات و النفط و الذهب و المواني و تقسيم السودان إلى دويلات.
ولقد تم البدء فعلا في تنفيذ هذا المشروع وتم توزيع الأدوار فيه على الفاعليين، .
إلا أنه تعثر بسبب عوامل المقاومة السودانية مما تسبب في حسارات مالية بمليارات الدولارات لدولة الامارات. إن فشل الخطة (أ)
في تنفيذ هذا المشروع لا يعني أنهم قد تخلوا عنه. بل تعني أنهم سيتحولون إلى الخطة (ب) و التي قد تحتاج فيها الامارات الى أن تتدخل مباشرة كما سنوضح أدناه.
ثانيا إن بناء الامارات لمطار في امدجرس خصيصا من أجل إكمال مشروع الحرب على السودان، و اختراقها للأجواء السودانية عبر رحلات طائرتها التي لم تتوقف لأكثر من عام ونصف، اولا لأغراض النقل،
وثانيا لأغراض الاستطلاع المستمر على مدار الساعة بواسطة المسيرات و أغراض تحديد الأهداف و ضربها أو البحث والارشاد للمتمردين (مثال ارشاد الهالك البيشي إلى أن وصل بجيشه إلى سنجة).
هذا المجهود الجوي الضخم و المستمر ليس لمجرد مشروع عابر وانما يدل على التخطيط المسبق والاستراتيجي.
ثالثا يأتي التطور الخطير بهبوط طائرتها في مطار نيالا التي كانت تحمل طاقم من ضباطها المدربين و منظومة أجهزة رادار و تشويش و مضادات للطيران وكلها استعدادات وعتاد متعلقة بالحماية الجوية لإسناد قوات المليشيا على الارض للمرحلة القادمة، يأتي كخطوة عملية حقيقية لتدشين مرحلة المشاركة المباشرة بالعناصر والجنود.
رابعا التصعيد الاماراتي المتزايد منذ فترة، ضد السودان تمهيدا لتسخين الأجواء كمقدمة لمشاركتها المباشرة في الحرب، عبر عدد من التصريحات و البيانات الاماراتية. بدءاً بتصريح المسؤولة الإماراتية (أنهم موجودون/منغمسون في الحرب في السودان لحماية مصالحهم).
و بيان الهلال الأحمر الإماراتي بالاعتراف الصريح بمعالجة الجرحى في مستشفى أمدجرس. و اتهام الخارجية الإماراتية للسودان بقصف السفارة (رغم أنه لاتوجد سفارة). و تصريح الضباط الاماراتيين متوعدين بالانتقام لزملائهم القتلى (رغم أنهم معتدين). هذا التصعيد بالذات قد يدل على أن مرحلة التمهيد نفسها قد انتهت و أن البحث عن شرعنة التدخل المباشر قد قطع شوطا بعيدا.
خامسا التحالف الدولي: التحالف الدولي للمرحلة الجديدة و الذي إبتدره الرئيس بايدن بالتصريح بأن الامارات صارت شريك دفاعي لأمريكا (ضد من ولماذا الان؟). بالإضافة الى دول بعض الجوار التي ظلت تحجز السفن وتمنع مرورها إلى السودان، أو مجموعة الدول الأخرى التي تساهم بارسال المرتزقة وتفتح الحدود والمطارات.
سادسا تصريحات مجموعة من قادة قحت/تقدم (المعترفون بعمالتهم حسب تصريحات الناطق الرسمي لتقدم: العمالة صارت بالمكشوف). جاءت تصريحاتهم متزامنة مع التحركات الإماراتية و داعمة لها مباشرة و ممهدة للتدخل الدولي.
ابتداء من تصريح خالد عمر (التفتيت صار الان أقرب من أي وقت مضى وتعمل لتحقيقه أياد كثيرة، داخلية و خارجية). و تصريحات محمد عصمت: (قصف طيران الجيش لمقر سفير الأمارات، و قرار الدعم السريع بوقف التفاوض هو بداية لحريق لن ينجو من المؤتمر الوطني والحركة الاسلامية و واجهاتهما).
و تصريحات حمدوك: (السودان أصبح أرضا خصبة للجهاديين وانتشار الإرهاب الإقليمي و يحذر من مخاطر امتداد الحرب إلى منطقة الساحل وتعزيز الجهاديين في كل أنحاء المنطقة). تكمن أهمية هذه التصريحات ليس في محتواها رغم أن تطابقه وتزامنه لم يكن صدفه، ولا في أهمية أو وزن قائلها، كونهم اعترفوا بعمالتهم.
ولكن تنبع أهميتها من أنها تعكس ما تريده الجهة التي تستخدمهم. إلا أن تصريحات المبعوث الأمريكي للسودان بيرييلو جاءت أكثر وضوحا: (فتحنا قنوات اتصال مع الاتحاد الأفريقي بخصوص تهيئته لإعداد وتجهيز قوات للتدخل، بهدف حماية المدنيين في السودان). كل هذه التصريحات تأتي ضد الدولة السودانية ومرتبطة بالمشروع العالمي وداعمة للتحركات الإماراتية و للتدخل الدولي.
أخيرا كاتب هذا المقال يدعو الشعب و قادة الدولة السودانية وقادة الجيش تحديدا إلى التأمل في تطورات هذا السياق و مجريات أحداثه. و التنبه إلى ما يمكن أن يحدث من تطورات والاستعداد قدر الإمكان، بالتوعية وتعبئة الرأي العام أولا. و بالتجهيزات الأخرى بما فيها تطوير وسائل الرصد و المتابعة وكل منظومات التصدي ثانيا.
و بتحصين الأهداف المتوقعة من القادة و المواقع الاستراتيجية ثالثا. الحذر أن نواجه الاحتمالات الخطيرة على واقعنا بنفس الكيفية التي واجهنا بها حرب حميدتي علينا حينما كانت احتمالا مرجحا. التعامل المبني على العاطفة و حسن الظن و ترك المعطيات والشواهد والأدلة الواضحة و الظاهرة أمام الجميع يورث الندامة دوما. والله يكضب الشينة.