
وسط مجتمع الذكور .. (الغيرة) في شكل مختلف
في كل المجتمعات تتهم النساء بالغيرة وتنسب لهن تلك الصفة أكثر من الذكور، بالرغم من أن الموضوع موجود ومنتشر في مجتمع الذكور لكن تختلف الغيرة عند النساء من الغيرة عند الرجال في اشكالها .. مثلا في حالة الشاب (أ) فهو دائم التقليل من انجازات صديقه المقرب ويشعر بالضيق اول ما يسمع عنه خبر جميل .
ويتنرفز اذا قام شخص بمدح صديقه امامه ، بينما يعاني شاب آخر من الغيرة الشديدة من أحد أصدقائه، كون هذا الصديق يعمل بوظيفة جيدة، تدرُّ عليه راتباً شهرياً ممتازاً، ويتمتع باستقرار أسري ممتاز ، فهو صديقه ولكن الغيرة دوما توقعه في مناقشات تصل الى درجة الاختلاف والاساءة فقط لأنه يشعر بالغيرة مما يتمتع به صديقه من مكانة اجتماعية مميزة.
عقدة النقص:
حكايات وروايات عديدة عن غيرة الذكور فيما بينهم وان كانت اخف من غيرة النساء التي توصل الى درجة ارتكاب الكريمة في كثير من الأحيان . او الاذى . ويحكى ان احد الشباب يصرخ اول مايسمع ان احدا يتحدث باعجاب عن صديقه الذي يقوم والده بتشجيعه وتقديم له كل ما يحتاجه،
ويحظى بإعجاب واهتمام بقية الأصدقاء، في حين يشعر هذا الشاب بالضياع، كونه غادر مقاعد الدراسة باكراً، ويعيش وسط أسرة لا نهتم به، فاصبح يستخدم مع ذاك الصديق الناجح سلوكيات مؤذية، وتشويه لسمعته وسط الاصدقاء فقط لأنه يعاني من آفة الغيرة وعقدة النقص بداخله.
الزيف والحقد:
وترى التربوية الاستاذة ميمونة أن غيرة الأصدقاء لها مؤشرات كثيرة ومنها، عدم وجود الدعم والتشجيع، وتولد المشاعر السلبية من أجل زرع بذور الإحباط بداخلهم، ومنعهم من إكمال ما يرغبون به ويخططون له من تحديات وطموحات، وهنا يمكننا معرفة الأصدقاء الحقيقيين من المزيفين،.
كذلك نجد في بعض مجالس الشباب كثرة النميمة على أحد الأصدقاء، وتمني زوال الخيرات التي ينعم بها، وغالباً ما تفسد تلك الغيرة اللحظات السارة بينهم، كونها مشاعر خالية من الحب والخير للآخر، وبالتالي تشوب بعض علاقات الصداقة الزيف والحقد.
خالي من الغيرة:
بالرغم من وجود كثير من هؤلاء الأصدقاء، الذين لا يتحكمون بمشاعر الغيرة تجاه أصدقائهم، بل يتجردون من المشاعر السمحة في لحظة الغيرة، إلا أنه هناك ذكور ليس في قلوبهم مرض الغيرة فهم يتمنون الخير والسعادة لاصدقائهم ومعارفهم الناجحين ويقفون معهم في افراحهم واتراحهم ،بل ويساعدونهم وعلى تحقيق الانجازات بشتى الطرق ، وهؤلاء كثيرون في مجتمع الرجال على عكس مجتمع النساء المعروف بهذه الصفة بينهن بل هناك من يعتقد ان مجتمع الذكور خالي من الغيرة.
الغيرة الايجابية:
وتقول الباحثة الاجتماعية نهلة حسن بشير ان الغيرة بشكل عام تشمل الجنسين، وهو شعور فطري يظهر من خلال سلوك الشخص سواء كان رجلا أو امرأة، لكن بدرجات متفاوتة، وتكون بشكلٍ أقل عند الرجال، وحين حدثت جريمة قابيل وهابيل، فكانت بسبب الغيرة، وتختلف من شخص إلى آخر، بحسب شخصية كل فرد،
وقد تكون الغيرة عند الشاب مؤشر إيجابي في بعض الأحيان، إذا كانت غيرة من العمل فتدفعه للتنافس أو محاولة الوصول للنجاح الذي وصل إليه الآخر، وأحياناً تتحول إلى مؤشر سلبي، فتصبح حقدا وغلًا وتصل للإجرام إذ كانت نفسية هذا الشخص غير متزنة، وربما إلحاق الأذى بالصديق لتقمص شخصيته، وهذا بالتأكيد ناتج عن خلل نفسي، بسبب قلة الثقة بالنفس أو ضعف الشخصية، وعدم تحقيق الطموح..
غيره سطحية:
وتابعت نهلة يقولها تختلف الغيرة بين الجنسين، فالفتيات عادة ما تكون غيرتهن سطحية وغير عميقة، فقد تكون من مظهر وهيئة فتاة أخرى أو زميلة في العمل، أو الغيرة من نجاحها أو ارتباطها بزوج وسيم وثري أو أنها سعيدة بحياتها العامة، بسبب إمكانية اقتصادية .
وهذه مؤشرات تختلف عما موجود لدى الشاب، وفي كل الأحوال سواء كانت غيرة الشباب أو البنات، فهي غير صحية نفسياً، لأنها عادة ما تكون لدى أشخاص غير متصالحين مع أنفسهم، فيتركون حياتهم وشؤونهم الخاصة، ويتجهون للاهتمام بحياة الآخرين، وتقمّص شخصياتهم.
أمر طبيعي:
ولكن علينا ان نعلم بأن شعور الغيرة من وقت لآخر هو أمر طبيعي للغاية، بل قد يكون مفيدا بعض الأوقات نظرا لكونه يمكن أن يصبح حافزا يدفع المرء لتحقيق النجاح كما حصل مع الشخص الذي يغار منه. لكن لو زاد شعور الغيرة فإنه يصبح مرهقا للمرء ومستنفدا لطاقاته.