المرأة

يعانين الأمرين.. في مصر نساء يدفعن ثمن اللجوء غاليا

القاهرة _ زحل

بينما كنا نسير في أحد شوارع مدينة القاهرة سمعنا صراخ إحدى النسوة السودانيات وهي تستنجد ب(أبو مروءة) وتبكي بحرقة .واقترب منها شابان سودانيان لمعرفة ما حدث لها .واقتربنا نحن كثيرا لنسمع ماذا تقول ولماذا هي تبكي .فقالت :صاحب الشقة طردني ورمي لي كل أغراضي خارج الشقة وفوق ذلك ضربني.

لأنني رفضت زيادة الأيجار الى بعد أتمام السنة في شقته حسب القانون ولكنه رفض ذلك وطردني في منتصف الليل في وقت لا أستطيع فيه توفير سكن بسرعة واطفالي صغار لايمكن ان ابيت بهم في الشارع الملئ بالمجرمين والمحتالين وأنا لا عائل لي اختفى زوجي منذ اليوم الأول من الحرب ولم نسمع له خبرا حتى الان . فتدخل الشابان وتحدثا كثيرا مع صاحب الشقة الذي وافق أخيرا بتركها حتى الصباح.

وتتعرض (أميرة) التي تستأجر محلا لبيع الطعام لمضايقات كثيرة قالت أنني أتجاوزها لكي نعيش في سلام الى ان نرجع الى بلدنا الحبيبة. وقالت : اتعرض للسرقة دوما ولا استطيع تجريم أحد لأن الكل سيقف ضدي وسيصل إلى حد اغلاق محلي الذي تعبت وصرفت عليه كثيرا .

واضافت: جاء احدهم لشراء (طعمية وفول) وبينما أنا مشغولة بتجهيز طلباتهم سرقوا اموالي وهاتفي واختفوا وعندما واجهتهم نكروا ذلك تماما وهددوني فسكت .اشتريت اماني وامان اطفالي.وقالت :كثيرات هنا يتعرضن للاحتيال والبهتان فيهن من تتجاوز ذلك واخرى تقف في حقها ولكنها في النهاية لن تفوز به يسلب منها جهارا نهارا¾ . وقصص كثيرة عن السرقة والضرب والشتيمة بكل انواعها

(تحديات متعددة):

ومجالس النساء تتحدث عن تلك المرأة التي ذهبت لتوفيق اوضاعها واوضاع ابنائها خوفا من الترحيل الى السودان ومازالت الحرب مشتعلة .ذهبت الى المفوضية السامية لشئون اللاجئين لتحظى بالكرت الاصفر الذي يقنن تواجدها واسرتها بصورة رسمية وشرعية حيث اشتبكت هناك مع أحد السودانيين واشتدت بينهما المشكلة فقتلها وتركت ابنائها يصرخون دون عائل .

واخرى اختفت تماما حيث خرجت لشراء بعض الاغراض لابنائها ولم تعد اليهم ثانية .. مايوكد ان النساء دفعن أثمانا باهظة خلال فترة الحرب التي لا تزال رحاها تدور إلى حد اللحظة، والأمر لا يتعلق فقط بالانتهكات المباشرة ، فهناك إساءات بالغة يتعرضن لها ويواجهن تحديات متعددة تؤثر على صحتهن النفسية بشكل كبير .وتحديات معيشية هائلة وصعوبة الحصول على السكن والعمل والتعليم والعلاج .ومستقبل ابنائهن القاتم ؛ مما يؤثر على استقرارهن النفسي وصحتهن العامة.

(حلم العودة):

قصص هؤلاء النساء عن حلم العودة إلى الوطن و الخوف من التعرض للاتجار بهن و التعرض للقوانين التمييزية. جعلهن يفكرن بصورة جادة للعودة الى السودان .فيما اتخذت (درية)قرارها وغادرت أرض مصر الى السودان عن طريق التهريب مفضلة (الدانات), على العيش في ذلة واهانة لاترضي أحد.

بينما هناك من لم يتخذن قرار العودة فهن يخشين أصوات البنادق والرصاص والخوف على اطفالهن .وصعوبة العيش وسط الحرب ففضلن العيش في بلد اللجوء رغم ما يتعرضن له من معاناة كبيرة جدا . فضلن البقاء على أمل ان يسمعهن المجتمع ويوفق اوضاعهن ويعشن بسلام .

إلا انهن يعانين الأمرين وكثير من النساء يعشن وحيدات مع اولادهن بلا عائل .ونتحمل المرأة عبء الاستغلال متعدد الاشكال في الشارع وفي محل عملها ونتحمل انماطا مختلفة من المعاناة و الإحباط ومن العزلة ومن ضعف الدعم النفسي والصحي في الوقت الذي يتحملن فيه أعباء مضاعفة في إعالة الأسرة وتسيير شئونها.

(تفاقم المشكلة):

فتيات في مقتبل العمر هربن حاملات أحلامهن وطموحاتهن بالتحصيل العلمي ومن ثم العمل لتوفير العيش لاسرهن .و أرامل حملن خيباتهن ومن نجا من أطفالهن وعبرن الصحراء الى حدود جمهورية مصر، آملاتٍ بمستقبلٍ مشرقٍ لأبنائهن وبناتهن.

ولكن تفاجأن بالتضييق عليهن حتى عندما، حصلن على حقّ الإقامة، لم تنال احداهن الراحة ولم يجدن مساحة واسعة من الحرية مدعومة بالقانون، ولم تتاح للنساء الراغبات بالبحث عن مستقبلهن التعليمي والمهني والاجتماعي، مساحةً واسعةً للعمل والطموح، وفي المقابل هناك نساء صمدن وحققن نجاحات عديدة في مجالات مختلفة علمية ومهنية.

عموما اللجوء” كان دوماً “صفة ثقيلة على نفس وروح المرأة ، تكبلها وتضعها عند حد مدروس بشكله السياسي ويطبق عليها كفرد في المجتمع. تعاني فيه المرأة ماتعاني ولكن الاغلبية يصمدن ويتجاوزن المرحلة باقل الخسائر، والمرأة بشكل عام اكثر تحملا من الرجل بحسب طبيعتها الفيسلوجية ، ولكنها ايضا رقيقة تصعب عليها الرياح القاسية فينكسر عودها وصمودها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى