
(كان بقت فأس مابتكسر الرأس)الأمثال الشعبية..هل ما زالت تستخف بمقام المرأة؟
تُشكِّل الأمثال الشعبية إلى حد كبير مرآة الشعوب التي تعكس حضارتها وعاداتها وتقاليد مجتمعها وقناعاتها ومعتقداتها؛ لذلك يمكن اعتبارها ممثلاً لأصوات تلك المجتمعات التي تدل على أحوالها وأنماط تفكيرها.
والامثال السودانية كثيرة وتختلف من منطقة لاخرى نسبة لتعدد القبائل و الثقافات لذلك صار للأمثال الشعبية مكانة متميزة في المجتمعات ولها عندهم قيمة فهي بسيطة في مفرداتها ومعانيها دوما واضحة لفئات المجتمع، لكننا قد نكون جميعها لاحَظنا أن كثيرًا من الأمثال الشعبية تحط من مقام المرأة، وتنتقص من مكانتها، مثلا (المَرَة كان أخدها راجل هَم، وكان قعدت في بيتك هَم) وايضا ( العندو بنات حامل الهم للممات) وغيرها من للأمثال التي ظلت طوال قرون تحط من قدر النساء على الرغم مكانة المرأة الرفيعة في الاسلام.
التأثر بالحضارات:
نعم للشعب السوداني تاريخ عريق، و حضارات مزدهرة ، الا ان هناك من أفراد مجتمعه قد تأثروا بحضارات اخرى في كثير من الفاظها ونقلوا الامثال الشعبية الى المجتمع مع انها تعاني التخلف والتراجع، بيد انها أي تلك (الحضارات) مرت بتجارب وأحداث كان لها تأثير كبير في فكرهم ووعيهم ونمط حياتهم.. فكانت الامثال التي تحتقر(المرأة) سيدة المجتمع التي تمثل ركيزة الأسرة والبيت.
تهميش البنات:
وقالت الباحثة الاجتماعية نهلة حسن بشير ان أكثر ما يشعرني بالأسف أن معظم النساء والفتيات يرددن تلك الأمثال بمنتهى عدم الفهم والوعي دون تفكير أو تأمُّل في معناها، كانهن لايدرين ان مثل هذه الامثال تقلل من قدرهن ومكانتهن في المجتمع ، فتجد الواحدة بكل بساطة تردد(راي المَرَة قِربة و انقدَّت في الخلا)! وقالت لاحظت ان كثير من الامهات يتجاهلن البنات ويدللن الذكور ويعتنين بهم،
مفاهيم خاطئة:
وتابعت نهلة حديثها بقولها لاشك ان كل مايقال في الامثال هو مفاهيم خاطئة؛ ينبغي أن تتغير فورًا، وأننا إذا لم نشعر بالتقدير لذواتنا كنساء مقدرات، وننظر لأنفسنا باحترام، فلن يكون بوسعنا أن نطالب الرجال باحترامنا ومنحنا ما نستحقه من مكانة كفلها لنا الشرع، . واضافت: هذه الأمثال الشعبية المتوارثة التي استجلبناها إلى حاضرنا، وجعلناها جزءًا من واقعنا كما هي، بدون أي تغيير وأصبحت جزءًا من الوعي الشعبي العام،اختلط فيه الجيد بالسيئ، والحقائق بالأساطير.. لذلك يجب علينا أن نتعامل معها على قاعدة (جميلها جميل ووقبيحها قبيح).
اجحاف وتمييز:
وللمرأة نصيب وافر من الإجحاف والتمييز في أمثال كثرة، وغير المثل المعروف الذي يحفظه الصغير و الكبير في مجتمعنا السوداني (المرة كان بقت فأس ما يتكسر الراس) هناك مثل آخر شبيه له (ضربة الانتاية زي مسحة الدِهناية) بمعني انك لا تشعر بضربتها وان كانت قوية .وكأنها مسحت على جسدك بدهان، وايضا (المتغطي بالنسوان عريان) و(سَعَد البنات نور البيت، وقُعادن حُقْرَة للبيت) و(المَرَة ما بوادعوها) اي في معناها (لا تؤتمن)
أمثال راسخة:
لا جدال في أن المرأة في السودان سبقت المرأة صارت تتمتع بحقوق نالتها تدريجيًا، ولا جدال في أن هناك حقوقًا ما زالت المرأة تسعى إلى اكتسابها؛ ولكن بكل اسف ما زالت بعض مفاهيم هذه الأمثال راسخة في عقول الكثير من السودانيين، خاصة الأجيال التي عاصرت انتشار استعمال هذه الأمثال؛ وبعضا من الاجيال الجديدة التي اكتسبت تلك المفاهيم من الاجيال التي سبقتها.
حقائق ومقدسات:
التربوي طارق سر الختم المهتم بالامثال الشعبية والفلكلور والتراث الشعبي قال
لا بد أن تخضع الأمثال واستخداماتها على الأقل في هذا العصر للتفكير والتدقيق قبل رميها، وكأنها حقائق ومقدسات ، وقال في الواقع، كانت الأمثال تعبّر عن حالة ما أو مناسبة ما اما الامثال المتعلقة بالتمييز والاجحاف بحق المرأة انا اعتقد انها صدرت عن جهل أو عدم إدراك ومفاهيم اجتماعية منتهية، وحتى أن تشبيه أي فعل بأنه كفعل المرأة بمعنى الاستخفاف، يستخدم بشكل دائم بين الرجال والنساء. فقيادة غير جيدة يقال عنها “سواقة نسوان”، وكلام غير دقيق ولا يعول عليه يسمى “كلام نسوان”. وهكذا