فرحة باهتة.. عيد السودانيين .. غربة وشجن وحنين للديار
قبل أشهر والايام تتساقط ويدنو موعد عيد الاضحى المبارك هناك كثير من السودانيين اللاجئين في دول الجوار يحدوهم الأمل ان يعيدوا داخل سودانهم في منازلهم التي فارقوها منذ اكثر من عام . إلا انهم يجدون انفسهم بعيدون وللمرة الثانية في بلد اللجوء وهم يتذوقون طعم المر .
وبعانون من الكثير ظروف أمنية واقتصادية صعبة ، كما ان انهم يفتقدون حنية جدران منازلهم .وحنو جيرانهم .ومحبة اهلهم .يفتقدون تلك الطقوس الزاهية التي يتبعونها السودانيين وتميزهم عن غيرهم من الشعوب الاخرى. (الحوش الكبير .. لمة الاهل .. الشية والشربوت .الشاي .القهوة) كل هذه الأشياء التي لها ركن خاص في نفس كل سوداني حل محلها الآن الحزن والشجن
.تأثر الكثيرون بالحرب التي مازالت مشتعلة وهم يدفعون ضريبتها الغالية. يقابلون الشعيرة الدينية وهم في حالة (زعل) ولسان حال كل منهم يردد (باي حال عدت ياعيد بما مضى ام بأمر فيك تجديد) فيجدون انفسهم بعيدون بما مضى (والحال ياهو نفس الحال لاطاب ولا بدور يبرأ).
أمام البنايات الشاهقة في منطقة فيصل بمدينة القاهرة تجد الكثيرون يجلسون خارج البناية مساء أطفال رجال وفتيات .يروحون عن انفسهم يوم العيد ويبعدون من (كتمة) الشقق الضيقة يتجاذبون اطراف الحديث يعايدون بعضهم ويتمنون العودة والأمان والاستقرار في السودان . يشعرونك بأنهم مبتهجين ولكنك تحس في وجوههم الحزن والكآبة ومرض البعد .. منهم من يرتدي ملابس جديدة .
واخرين يرتدون القديم حتى اطفالهم فايديهم كانت قصيرة ان تمتد لتشتري ملابس للاطفال فالظروف لم تتح لهم ذلك حسب حديث (اسماء) وقالت ما نشتغله في اليوم يكفي للأكل والشراب وايجار الشقة .لاتوجد مساحة لشراء الملابس نضغط على انفسنا ونلبس الموجود حتى اطفالنا باتوا يفهمون ان ذلك ليس متاحا في الفترة الحالية العصيبة .
ويدركون أننا ماكنا سنحرمهم ان توفرت لنا الاموال لشراء فرحتهم يوم العيد .وزادت اسماء كنا نمني انفسنا بالعيد في الخرطوم ولكن قدر الله وماشاء فعل .كلها ابتلاءات وامتحانات لابد ان نجتازها لنعبر الى بر آمن وسودان مستقر.
ولا شك ان عيد الأضحى المبارك يعتبر من أكبر الأعياد الدينية للمسلمين وبمثل فرحة كبيرة للسودانيين، له خصوصيته وقيمته الكبيرة في قلوبهم؛ كان الكثيرون وهم هناك في (السودان) يعودون إلى جذورهم في المدن والقرى، مما يخلق زخماً كبيراً في رحلة العودة إلى الجذور، ويجعل المدن الكبيرة، بما فيها العاصمة، شبه خالية من الضجيج اليومي.
يزحمون الولايات الأخرى بالفرحة والبهجة يستنشقون هواء الريف يرتعون في حقوله ودروبه النقية إلا ان ذلك يفتقدونه الآن هناك من يبكي بحرقة نتيجة فراق بلده وبعده عنها اجباريا..وهناك من يكتم كل ذلك ويظهر القوة والرضا بالقضاء القدر يتجاوز المحن ويتفاءل وفي قرارة نفسه يقول (تفاءلوا خيرا تجدوه).
حاجة نورا ترتدي ثوبها الأبيض الناصع تجلس ارضا امام العمارة التي تسكن بها وتراقب حركة الشارع تسلم على هذه وتكلم تلك من السودانيات اللائي يأتي بهن الشارع بجوارها قالت ل(زحل نيوز) العيد هنا بلا طعم غاب إحساس البهجة واللمة التي كانت حاضرة في كل الأعياد خصوصاً في العيد الكبير الذي نتعامل فيه نحن كسودانييين بطريقة مميزة لاتشبه عادات أغلب الشعوب .
واضافت: للعام الثاني نعيد خارج السودان وفي حلوقنا غصة لاتشفى إلا بوقوف الحرب والعودة الى محل راحتنا سكننا واهلنا وجيراننا الذين فارقناهم وكل ذهب الى ملجأه ومنطقة نزوحه.. بينما قالت الشابة ميساء التي افتتحت لها محل اكسيوارات وكل ما تحتاجه النساء والفتيات السودانيات ويعد مصدر دخل لها ولاسرتها.
قالت: العيد في السودان يختلف عن أي دولة أخرى، لا سيما وأن تجمع أفراد الأسرة في منزل واحد يعتبر فرحة كبيرة يضفيها العيد على السودانيين، باعتباره فترة زمنية مهمة تجعل الجميع يبرمج أوقاته عليه، رحلات عائلية مع الاصدقاء وزيارات متفرقة للاهل والجيران وقالت: حتى الذين خارج البلاد يعودون في موسم العيد الكبير ويقضون اجازتهم مع الاهل والاحباب في أجمل اوقات.
وابانت اغلبنا لم يضحي نسبة لعدم الاستطاعة حتى الذين ضحوا يعتمدون على ابنهم أو رب اسرتهم المغترب الذي يوفر لهم شراء الاضحية وتمنت أن تتوقف الحرب ويعود الجميع إلى ديارهم، ليكملوا حياتهم في وطنهم، وتعود البهجة مجدداً للأعياد والايام الزاهية في الخرطوم وكل الولايات التي تضررت من الحرب في ولايات دارفور وكردفان والجزيرة وسنار.
أسر جمعتهن بناية واحدة في السكن عملوا بمبدأ (أضرب الهم بالفرح) تشاركوا عدد ثلاثة خراف ذبحوها واجتمعوا و فتحوا الشقق على بعضها اطربوا انفسهم باغنيات محمود عبدالعزيز .واغنيات وطنية اخرى وتربعت اغنية (حلاة بلدي وحلاة ناسها .حلاة الطيبة والطيبين) تربعت على يوم تلك الاسرة رقصوا وصفقوا ورددوا الاغنيات الوطنية في سعادة وحبور .اختتموا يومهم بقراءة القرآن والدعاء السودان واهله.وفعلا عاشوا يوم ترفيهي وعظموا شعيرة العيد بفرحهم بدخوله رغم الاحزان والمآسي.
بينما آخرين قالوا (لو كترت عليك الهموم اتدمدم ونوم) هؤلاء لم يشعروا بمجئ العيد ناموا طوال اليوم .لم يحتفلوا بالعيد حتى . ولم يؤدون صلاة العيد في قلوبهم هم وحزن من الذي حصل لهم .بعيدون عن اوطانهم لايرغبون في الفرج مع ان العيد يوم من ايام الله التي يجب تعظيمها والفرح بها.
وآخرون ذهبوا في رحلات وزيارة المناطق الدينية السياحية مسجد السيدة زينب والسيدة نفيسة والازهر وقلعة صلاح الدين الايوبي وغيرها .وتوجه آخرين الى الحدائق العامة ينشدون الفرحة في بلاد الغربة لعلهم يجدونها.