سيارات المطربين .. سباق خارج (حلبة) الغناء
في الغالب لم تعد السيارة مجرد وسيلة نقل نعتمدها للوصول إلى المكان الذي نريد، فالأمر تخطى حدود القناعة بهيكل حديدي يسير بأربع عجلات لدى الكثيرين، وبات البحث عن مميزات في الشكل والقوة هدفا يتفاوت بين من يهوى السرعة ومواكبة التطور وبين من يسعى إلى التباهي والتفاخر !! كذلك فان الفنانين رؤيتهم في اختيار السيارات وانتقائها .
والتي تختلف بين واحد والآخر، إذ أن عدداً من المطربين يفضلون قيادة سيارات فارهة للتباهي ، إلا أن هذه الفئة من السيارات تخضع لرسوم جمركية عالية، ما يدفع البعض إلى طرق احتيال مختلفة، لتفادي دفع الرسوم المطلوبة.. فما المعايير التي يعتمدون عليها في اختيار النوع واللون، وهل ينشأ بينهم وبين سياراتهم نوع من الربط ؟؟ وهل يختارون سياراتهم من اجل جودتها ام بهدف التباهي و(شوفوني) انا (سايق عربية كيف؟!) والأهم من كل ذلك هل يدفعون ثمنها (كاش) او انهم يلجأون الى التقسيط؟؟ خاصة وان كثيرا ما نسمع عن الشيكات التي يحررها البعض من شباب المطربين بهدف الحصول على (سيارة) ما يدخله في مشاكل ثم (الحراسة) وما الى ذلك!!
(1)
سيارات النجوم والمشاهير تجد اهتماما و فضولا من بعض المهتمين باخبار وحياة النجوم وهم كثر ، اذ ان هناك من يذهب الى الحفلات ليس من اجل الجديد من الاغنيات بل من اجل ان يرى سيارة وازياء المطربين ، ربما ليقلدوهم ، او ربما يكون مجرد اهتمام بالنجوم!! لذلك نجد المطربين يتنافسون في نوع وموديل السيارات واصبحت جنبا الى جنب مع ماركات (الازياء) و(الهواتف) .
، ونجد ان كثيرا من المطربين غير مقتنعين بموديل سياراتهم التي يقودونها، وعندما يأتون لاحياء او المشاركة في مناسبة ما ، يخبئون (السيارة) بعيدا عن الأنظار، بل ان هناك من (يستلف) سيارة صديقه حتى يخرج من الحرج بسبب موديل (العربية) القديم، ولهذا السبب صار المطربون يتبارون حول (الموديلات) ، وكان (الهمر) للمطرب احمد الصادق ، و(اللكزس) لندى القلعة، و(البرادو) لطه سليمان، (والتوسان) تقودها فئة من المطربات الناشئات.
، والغريب في الامر ان الراحل الفنان محمود عبد العزيز رغم قمته وشهرته كان لا يلتفت الى مثل تلك (المظاهر) وكان يمتطي عربة (بوكس) ، ويظهر بها في كل المناسبات، وقديما كان الفنان (عبد العزيزمحمد داؤود) اول فنان سوداني امتلك سيارة (فورد) عالمية ولها قيمة عظيمة في ذاك الزمان حيث وجدت سيارة (ابو داؤود) شهرة كبيرة في الاوساط الفنية ، ورغما عن ذلك لم يأخذ ( التقليد والتباهي) مكانه بين الفنانين ، فكل واحد كان يمتلك سيارة على حسب قدرته المادية .
(2)
سألت عدداً من من المطربين الشباب عن مدى هوسهم باقنتاء السيارات الفارهة ، وهل هي جزء من شخصية الفنان ، وماهي المعايير التي يختارون بها (سياراتهم)؟؟!!
الفنانة افراح عصام التي تمتلك سيارة ذات قيمة وعالية وكبيرة في حجمها ، قالت: انها لا تهتم باقتناء سيارة فارهة ، فهي ترى ان امتلاك سيارة امر ضروري حتى لو لم تكن باهظة الثمن، مشيرة الى انها اختارت سيارتها حسب جودتها لانها تضع في اعتبارها المشاوير الليلية في حالة ذهابها وايابها من احياء حفل مثلا فلا تريد ان تتوقف بها السيارة بسبب (عطب) لذلك فهي تفضل السيارة الجيدة، وتقول افراح (لست ممن يبحثون عن السيارات الفارهة ذات الثمن الباهظ، لأنني ضد المظاهر الكاذبة،
وليس لدي هوساً في تغيير السيارات!! وقالت (افراح): لا انفي ان هناك مطربين يتباهون بما يمتلكون من سيارات، ويتنافسون فيما بينهم في امتلاك سيارة فارهة، وفي المقابل، لا تهتم المطربة (شموس) إن كانت السيارة فارهة بل انها تفضل الاجود التي (توصلها) من والى المكان الذي تريد دون مشاكل (واعطال) ، مشيرة الى ان السيارة التي تمتلكها اشترتها فقط لأنها لاقت استحسانها عندما شاهدت الكثيرين يقودونها في الشارع!!
فيما أكد المطرب احمد الجقر أنه من الذين يهتمون بقوة مكائن السيارات ومميزاتها ولا يبحث عن التي يتفاخر بها امام اعين الناس، وقال: الفنان مظهر لكني لا اهتم لان تكون سيارتي فارهة، فقط التي تقضي مشاويري ، ولا اسعى لتغييرها للافضل لان هناك اهتمامات اكبر منها ولكن (الجقر) قال: النجم يفترض ان يمتلك (سيارة) معتبرة وجميلة ولكنه ليس من الاساسيات، فالفنان بأعماله وما يقدمه من اغنيات تعجب الجمهور وليس بما يمتلكه من مقتنيات!!
(3)
ويلفت اختصاصيون اجتماعيون ونفسيون إلى حقيقة سيطرة سلوك (التباهي) بالسيارات والازياء والهواتف النقالة بين الفنانين خصوصا الشباب منهم .. وفي هذا السياق، يشير د. ابو بكر احمد استشاري علم النفس الاجتماعي بمركز الاستشارات النفسية والاجتماعية الى ترسخ ظاهرة التباهي والتفاخر بين الفنانين، ويصفها بـ (المرض الاجتماعي المزعج) الذي يصعب علاجه ويلفت الى أننا نعيش فترة (استعراضية اجتماعية) .
ويشير الى وجود عدة عوامل ترسخ مفهوم التباهي والتفاخر في المجتمع، منها التقليد والبحث عن نموذج اجتماعي يقتدى به!!ويؤكد (ابوبكر) على أن من يميلون إلى الاستعراض والتفاخر يبحثون عن (الامتلاء النفسي والداخلي) فلا يجدونه الا بالمظاهر الخارجية والاستعراضية ،ويضيف بأن حالة الاستعراض في الاستهلاك كمظهر خارجي يعدل من الحالة النفسية لدى هؤلاء، فيشعرون بالرضا ، ويلفت الى عامل آخر يغذي ظاهرة الاستعراض يتمثل في ان الكثير من الناس يقترفون المقارنة بالاخرين ،
ويستنسخون الصور الاجتماعية حتى ولو كانت مغلوطة وغير متناسبة مع ظروفهم ، وقال: يحمل الاستعراض دلالات نفسية اذ يشير الى (الشعور بالنقص) ويقر د. ابوبكر بحقيقة ان الفرد عنصر في المجتمع يتأثر بما يجري داخل مجتمعه ، ويؤكد في الوقت ذاته على أن (حب المظاهر والجاه والسلطان والمغامرة والتمسك بالقشور) من العوامل التي تؤثر على سلوكيات الفرد وتصرفاته!!وقال اخيرا ان(سلوك التباهي والتفاخر نابع من شخصية الإنسان، وهو مؤشر على عدم الثقة بالنفس والقدرة على العطاء، ويبرر لجوء الكثيرين إليه بالرغبة في (تعويض عقدة النقص والمعرفة).
وعن الآثار التي يتركها الاستعراض والتمسك بالمظاهر يقول إن التقليد الأعمى يولد اعباء مالية، وبخاصة في ظل التسارع التكنولوجي الذي يدخل علينا من أوسع الأبواب، وبالتالي يغرق الفرد في الديون وتزداد اعباء الشخص، مايقود إلى الانعزال والتفكك الاجتماعي ، وينصح بضرورة ترشيد الاستهلاك وتوجيه الانفاق في الاتجاه الصحيح خاصة في ظل انحسار الدخل ، و يؤكد ابوبكر على اهمية ان يكون الشخص واثقا من نفسه ولديه الشخصية المستقلة التي تعصمه من اللجوء إلى تقليد الآخرين!