قصص.. حكاوى وأسرار كانت في مجالس «البنات» في زمان مضى. و«لذة الحديث» لا تكون إلا في الكلام بين اثنين لا يعرفه ثالث.. الكتمان وحفظ الأسرار سمة مجتمع «الإناث» سابقاً.. وكانت عبارة «سرك في بير» واقعة.
ولكن فجأة تبدلت الأحوال بتغير الظروف الاجتماعية المختلفة.. واعترى «البنات» خوف من بعضهن وانعدمت الثقة، كل واحدة تحمل آلامها وأحزانها وما يجب ان «تفضفض» به من حديث ثقيل على قلبها لصديقة ترتاح معها.
فصارت «الأسرار» سجينة صاحبتها لا تبوح بها حتى الى أقرب واحدة منها.. وحدث ذلك لأسباب ربما تكون منطقية وجدناها في حديث بعضهن ل(زحل نيوز) واللائي اعتقدن ان ذلك حصل نسبة لتغير الدواخل الى الأسوأ .
و ان تبادل الأسرار بين «البنات» لايأتي من ورائها إلاّ كثرة المشاكل والقطيعة نسبة الى أن هناك من لا تستطيع الاحتفاظ بسر صديقتها فتفشي به بسرعة مما يغضب الأخرى وتشتعل الخلافات نتيجة هذا التصرف.
أما الاستاذة «أمل مالك» قانونية – فقالت: العلاقات الإنسانية بين فئات المجتمع مختلفة هناك من تستطيع كتم الأسرار، وأخرى تصرح بها بمجرد ما سمعتها.. وقالت الشباب من الذكور أكثر تكتماً على علاقاتهم الخاصة، والحديث الذي يدور بينهم إلا ما ندر بخلاف «البنات» فإنهن الأكثر إنفتاحاً مع بعضهن فتجدهن يتبادلن الأسرار سواء على الصعيد العام أو الخاص ولكن مع مرور الزمن تقلصت تلك العادات وصار «التحفظ» سيد الموقف.
بينما قالت «أميرة مزمل» ضيق الزمن وعدم وجود سانحة للجلوس والتحدث في الاشياء الخاصة سبب أساسي في ذلك اضافة الى فقدان الثقة بين الناس، وهناك من تستغل وجود أسرار الاخرى بين يديها وتستفيد منها مثلاً في العلاقات العاطفية واحدة تكون «عارفة» أي كبيرة وصغيرة عن صديقتها ومن ترتبط به فتدور حوله وتدخل له من باب تلك الاسرار التي أمنتها عليها صديقتها.
فيصير لها ذلك «الشخص» ويترك الاخرى ويكون السبب معرفة «الخبايا» والأسرار بين الاثنين وقالت: هناك من تفضح صديقتها بما عندها من (أسرار) إذا حصلت بينهما أبسط خلافات لهذه الأسباب فضلت «النساء» عدم إفشاء أسرارهن الى الصديقات والزميلات تفادياً لما يحدث بسببها.
الباحثة الاجتماعية «نهلة حسن بشير» قالت: إن هذا زمان الخصوصية فيه تموت الواحدة بـ«أسرارها» دون ان تبوح بها لصديقتها لأن الانفتاح الكبير على العالم من خلال الفضائيات وغيرها من الوسائل غيَّر الكثير من القيم والمفاهيم وصارت الثقافة السودانية فضفاضة ليست ضيقة كما كانت.
فالثقة متوافرة للحد البعيد ممكن الواحدة تبوح بأسرارها وتكون مرتاحة «وفي بطنها بطيخة صيفي» كما يقول الأشقاء المصريون وأوضحت أن للموبايل أيضاً دوراً كبيراً فهو جعل التعامل على الهواء مباشرة وألغى مهمة الصديقة سابقاً التي كانت تحمل الخطابات أو تقوم بإيصال الكلام الشفهي وتسهم في لقاء الحبيبين.
، وكل ذلك يحدث بين الصديقتين ولا أحد يعرف عنه شيئاً.. وأضافت إلا أننا الآن من النادر ان تبوح الواحدة بأسرارها الى صديقتها ولا حتى يمكن ان تعرفها على خطيبها لأنها «ستخطفه» منها لا محال، فهذه أخذناها من ثقافة المسلسلات فما كان إلا أن قررت كل واحدة ان تحتفظ بأسرارها لنفسها.