أغنيات الحقيبة لا شك أنها استحوذت على قلوب الشعب السوداني بصورة رهيبة ولا يوجد جيل من الأجيال المتعاقبة لم يستمع ويستمتع لروائع فناني وشعراء الحقيبة دون تحديد احد منهم، وقد لعب برنامج (حقيبة الفن) في تزويد اجيال المستمعين باغنيات الحقيبة شعرائها ومغنييها .
الا اننا في هذه المساحة الضيقة جداً نريد أن نستذكر قليلاُ الشاعر البديع العميق عبد الرحمن الريح ونسوح في مشوار شعره الفريد الممتع ، والاغنيات التي نظمها وعطر بها فناء الساحة الفنية في تلك الحقبة . اذ مازالت اغنياته تمثل اريجاً وعبقاً لا ينتهي ، يرددها شباب مطربينا اليوم بكثافة.
والشاعر الملحن عبد الرحمن الريح يعتبر من طليعة الشعراء الذين نهضوا بالأغنية السودانية في مرحلة الاربعينات والخمسينات ، وما تلاها من حقب ، حيث تميزت أشعاره وألحانه بالأصالة والشمولية ، وتلاقف أشعاره أشهر مطربي السودان في تلك الفترة ، فهو موهبة فريدة من نوعها، وسبقت إبداعاته الفنية إمكانيات عصره، فغنّى أشعاره كبار المطربين، وأتحف الجمهور بالعديد من أغانيه الرائعة.
وبقدر إطلاعنا على ما كتب عن مشواره الفني الطويل البديع ، وجدنا الدهشة بمعناها الحقيقي في كل ما نظمه من أشعار ، وألحان جميلة كانت معين لكثير من المطربين في ذاك الوقت ، وعبد الرحمن الريح كان فريد في أسلوب اللحن الحديث البسيط ، الشئ الذي جعل الفنان حسن عطية يحتكره ولكن من وقت لآخر كان يقدم أنتاجه لمطربين آخرين .
وقيل عند إضراب الفنانين في العام 1950م قدم للفنان رمضان حسن أغنية (الزهور صاحية وانت نايم) ، ولعائشة الفلاتية (أحب عيونك) ، وخالد محمد أحمد (أحبك والغرام قسمة) ونجحت هذه الأغاني بدرجة ممتاز وأصبح يرددها عشاق الغناء في ذلك الزمان ، ومازالت تلك الأغنيات تتجدد ، فالذهب لا يصدأ .
، فهي أغنيات ذهبية بكل ماتحمل هذه الكلمة من معنى ، وما أغنيات الذري إبراهيم عوض إلا دليلا واضحاً على جمال إنتاجه وقد جمعته بإبراهيم عوض علاقة فنية متينة جدا توجت بأغنيات زاهية, ويقال أن كل فنان ظهر في تلك الفترة لن تنمو موهبته أو تحلق لآفاق أسمي لو لم يصادف هذا العبقري الذي كان لشعره تأثير كبير على مسيرة كل فنان.
وحسب محرك البحث (قوقل) أن الشاعر والملحن عبد الرحمن الريح ولد بحي العرب بأمدرمان وفي فترة طفولته بالذات كان هذا الحي ينبض بالحياة ويحتفظ بكل خصائصه كاملة،
يعكس الموروث الشعبي القديم في الحارة السودانية حضارة وثقافة وفكراً وتختلط فيه الأذكار الصوفية والطقوس الدينية المرتبطة فكان لذلك الأثر الكبير في تكوين شخصية الريح الإبداعية فكان إن إنفرد بشخصيته وبإسلوبه ولغته الخاصة فكان عبد الرحمن الريح الإسم الرنان في عالم الغناء السوداني.