مقالات

فرصتنا المواتية مع روسيا الإتحادية

ببساطة .. د/ عادل عبد العزيز الفكي

تتاح لنا في الوقت الحالي فرصة ذهبية لعقد تحالف استراتيجي مع روسيا الاتحادية. تواجه روسيا حرباً عالمية من خلال تحالف دولي تقوده الولايات المتحدة ويضم دول الاتحاد الأوروبي. وبالمثل يواجه السودان تحالفاً يضم دول جارة، ودول إقليمية، يرمي لتغيير هوية الدولة السودانية، والسيطرة على ثرواتها.

روسيا عضو بمجلس الأمن وتملك حق الفيتو، وهذا يمثل قيمة سياسية كبرى للسودان حيث يمكنها استخدام هذا الحق، بالتعاون مع السودان، لتحقيق المصالح المشتركة لكليهما.
طلبت روسيا من السودان توفير منفذ امداد لوجستي لسفنها التي تمخر عباب البحر الأحمر، وقد وافق السودان مبدئياً على الطلب كحق سيادي للدولة السودانية تملك التقرير فيه منفردة.

على السودان السعي لتحقيق أكبر مصلحة له، من خلال الاستجابة للطلب الروسي، على قاعدة كاسب/ كاسب التي تحكم العلاقات بين الدول.

تعتبر روسيا دولة عظمى اقتصادياً حيث يبلغ الناتج المحلي لها 4.027 تريليون دولار في المرتبة السادسة دولياً، في العام 2022 بلغت نسبة النمو للناتج المحلي الاجمالي 2.07-% متأثرة بالمقاطعة الأوروبية والأمريكية.

لقد وقع السودان مع روسيا في فترات سابقة اتفاقيات ومذكرات تفاهم عديدة، كان أبرزها في مجال تقنية تحويل الغازات البترولية لمواد بترولية سائلة، وهي تقنية روسية فريدة يمكن أن تمثل إضافة مهمة للإنتاج البترولي السوداني. ثم اتفاقية في مجال التنقيب عن الذهب والمعادن الأخرى، واتفاقية حول التخريط الجوي في البر وفي البحر، واتفاق حول استجلاب مخبز وتقنية لإنتاج الخبز من دقيق خليط بين القمح والذرة.

إن مجالات التعاون التي يمكن أن تحقق فائدة كبيرة للسودان ويُنصح بتطوير التعاون مع الجانب الروسي فيها تشمل امراً مهماً للغاية للسودان في هذه المرحلة هو الاستفادة القصوى من التقنية العسكرية الروسية المتقدمة.

مثلاً الدبابة الروسية T-90 A والتي تتميز بتزويدها بدرع تفاعلي من نوع Kontakt-5 وبنظام إجراءات مضادة تجمع ما بين راصد بالليزر ونظام تشويش قادر على التصدي للصواريخ المضادة للدبابات من طرازي Shtora-1 و TOW.

كما أن راجمات القذائف الصاروخية TOS-1 Buratino من العيار 220 مليمتر تعتبر راجمات حديثة جداً ومسموح تصديرها للخارج. هذا فضلاً عن قطع المدفعية من العيار 152 مليمتر من طراز 2A65Msta-B التي تتميز بتقنية متقدمة ومسموح بتصديرها للخارج كذلك.

الأمر الثاني الذي يمثل أمراً ذو أهمية استراتيجية بالغة للسودان هو اقتراح الجانب الروسي بأن يستفيد السودان من تكنلوجيا (قلوناس) GLONASS الروسية التي تستخدم في مجال أنظمة الملاحة عبر الأقمار الصناعية (ايروقلوناس). وذلك بغرض إنشاء نظام وطني للاستجابة السريعة في حالات الطوارئ، وفي نظم القيادة والسيطرة للقوات المسلحة ولأجهزة الشرطة وأجهزة الأمن الخاصة، ومراقبة المركبات، وتحديد مواقع الموارد الطبيعية وإدارتها.

معلوم أن نظام GLONASS الروسي هو نظام ملاحة بالأقمار الصناعية يأتي في المرتبة الثانية عالمياً من حيث الاهمية بعد نظام GPS الامريكي، وقبل نظامي Galileo الاوربي و Beidou الصيني. هذا الأمر يكتسب أهميته من حيث إن نظام GPS الامريكي محظورة بعض استخداماته على السودان رسمياً.

الأمر الثالث المهم للسودان هو تحديث وتأهيل صوامع الغلال الحالية وبناء مواعين تخزينية جديدة أخرى. إن تحديث الصوامع الكبرى في القضارف وبورتسودان بزيادة سعتها التخزينية من 150 ألف طن إلى 600 ألف طن، وبناء صوامع جديدة بسعة مليون طن، يعتبر مجال عظيم جداً للتعاون بين البلدين.

وذلك لسببين: الأول أن السعات الكبرى لتخزين الغلال في السودان مسألة حيوية واستراتيجية، لأنها من لوازم الأمن الغذائي للسودان. والثاني هو رمزية إعادة التحديث بواسطة روسيا، لأن صومعتي بورتسودان والقضارف بناهما الاتحاد السوفيتي السابق في ستينيات القرن الماضي، وبالتالي تمثل إعادة التحديث بواسطة روسيا وريثة الاتحاد السوفيتي السابق رمزية لعمق العلاقات بين الشعبين لعشرات السنين.

الأمر الأخير الذي علينا الاهتمام به في الوقت الحالي هو التجارة مع روسيا، إن حجم التبادل التجاري مع روسيا لا يتجاوز في الوقت الحالي 110 مليون دولار في السنة، في حين تبلغ الصادرات الروسية للخارج 640 مليار دولار.

وبالنظر لتوتر العلاقات السياسية لروسيا مع عدد من الدول أبرزهم الولايات المتحدة وعدد من دول الاتحاد الأوروبي، وبالتالي انحسار تعاملها الاقتصادي والتجاري مع هذه الدول، فإن الفرصة تبدو مواتية للجانب السوداني لفتح مجالات صادرات اللحوم والخضروات والفواكه مع روسيا.

علينا الاستفادة من الفرصة المتاحة باتفاق استراتيجي مع روسيا قائم على المصلحة المشتركة، ومفهوم كاسب/ كاسب. والله الموفق.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى