يرتبط الشعبان السوداني والسعودي بروابط الدين واللغة والتاريخ المشترك، حيث كانت هناك هجرات واسعة في التاريخ القديم من جزيرة العرب الى أرض السودان طلباً للماء والكلأ. وفي العصر الحديث هاجر العديد من السودانيين للسعودية طلباً لفرص العمل وتحسين الأحوال الاقتصادية للأسر.
مشاركة السودان في التحالف العربي لإعادة الشرعية في اليمن، كقضية استراتيجية أولى في المملكة، أصبحت مثار خلاف استراتيجي وسياسي بين الدولتين، لأن المشاركة في هذا التحالف أسندتها الحكومة السودانية لقوات الدعم السريع، التي تمردت فيما بعد، وتسببت في الحرب المدمرة التي تدور رحاها الآن بالسودان.
قضية سياسية أخرى تؤثر سلباً على العلاقات السودانية السعودية هي تخوف السلطات السعودية من تواجد التيار الإسلامي في الحكم في السودان، باعتبار أن تأثيراً محتملا لهذا التيار على الأوضاع بالمملكة ربما يكون مضراً بالاستقرار السياسي بها.
في اعتقادنا أن القضيتين يمكن معالجتهما في إطار اتفاق استراتيجي شامل ينظر للأهداف العليا والمصلحة المشتركة لكلا القطرين.
تتمثل الفرص المتاحة للتعاون الاستراتيجي الثنائي في وجود فرصة هائلة للتكامل الاقتصادي بين البلدين من خلال الموارد المادية التي تتمتع بها المملكة. والموارد الطبيعية الموجودة بالسودان. مع وجود أسواق كبيرة ومفتوحة على مستوى منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى، وعلى مستوى منظمة الكوميسا، ومستوى دول مجلس التعاون الخليجي. ووجود فرصة للاستثمار المشترك للمعادن الموجودة في قاع البحر الأحمر بين الدولتين.
تتمتع المملكة العربية السعودية بموارد مالية ضخمة، حيث بلغ الناتج المحلي الإجمالي بالقوة الشرائية للمملكة خلال العام 2019 مبلغ 1.83 تريليون دولار (الاقتصاد رقم 17 على مستوى العالم)، فيما بلغ نصيب الفرد من الناتج خلال العام نفسه 50200 دولار في المرتبة 31 عالمياً. وقد انتقل صندوقها السيادي في العام 2022 ليصبح الأول عالمياً بقيمة 2 ترليون دولار.
سوف توظف موارد الصندوق السيادي السعودي في تنفيذ رؤية المملكة 2030 التي تحتوي نقاط تلاقي كثيرة مع خطط الإنعاش الاقتصادي بالسودان. حيث ورد فيها نصاً (إن الصناعات السعودية ستركز على نقاط القوة وتتجنب نقاط الضعف مثل موارد المياه الشحيحة، وذلك بتوجيه الاستثمار في مصر والسودان).
خلال العام 2016 وافق مجلس الوزراء والمجلس الوطني في السودان على منح السعودية مشروعاً زراعياً بمساحة مليون فدان على سد ستيت في شرق السودان، عبر اتفاقية مشتركة بين البلدين. هذا المشروع كان يمكن أن يمثل البداية لتنفيذ رؤية المملكة العربية السعودية بشأن السودان، ما زالت هذه الفرصة متاحة بعد أن تحدد دراسة الجدوى الاقتصادية مستقبل الإنتاج سواء كان في مجال الثروة الحيوانية أو الانتاج الزراعي.
يجب تجاوز العقبات السياسية بسرعة للاستفادة من مثل هذه الفرصة المتاحة لتعاون مفيد بين القطرين على مبدأ كاسب/ كاسب. والله الموفق.