ثقافية

في ذكراه الثالثة .. محمد طه القدال .. شاعر الصدق والحق والجمال

الخرطوم _ زحل نيوز

لازال اصدقاء ومحبي شاعر الوطن محمد طه القدال ينصبون سرادق العزاء على فراقه يتذكرونه ويبكون رحيله وهاهي الذكرى الثالثة على رحيله تمر علينا هذه الايام وفي ذاك اليوم الحزين الخامس من يوليو من العام 2021م نعى القدال عددٌ كبير من أصدقائه , وزملائه ومجموعة من الإعلاميين، ، وبان الحزن واضحا في منشورات وسائط التواصل الإجتماعي بمختلف مسمياتها.

اصبحت الصفحات حينها سوداء حيث نشرت صوره واشعاره ، مصحوبة بالكلمات الباكية ، كيف لا والقدال كبير مجيد عرف كيف يدخل إلى قلوب ملايين السودانيين عبر رحلة إبداعية استمرت عقوداً طويلةً ، كتب فيها اجمل الاشعار التي امتلكت مشاعر الملايين من الشعب السوداني العاشق للكلمة الرصينة ، وحينها كتب الدكتور عمر محمود خالد : رحل الوطن المسمى محمد طه القدال ، بعد حياة مسيرتها نضال، كلمة ونضال مسؤولية ، وقيمة حقيقية لمعنى العمل الوطني.

لقد كان مشاركاً وطنياً في كل المبادرات الداعمة للعمل الوطني في كل أشكاله. كان القدال سمحا في تعامله مع الاخرين يتحدث بصوت خفيض عكس شعره الهادر ‘ مهذبا للحد البعيد لا يجرح و لا يؤذي بالكلام نقيا كثوبه الابيض الناصع ذو قلب واسع كاتساع الوطن محب للخير غير مناع له انسان للحد البعيد ،لم يتمسك بزخرف الدنيا و ظل يعيش متحضرا في ثوبه البدوي .

(1)

والقدال يعد أحد أبرز الشعراء السودانيين المعاصرين الذين يكتبون بالعامية، واشتهر بكتاباته ذات العمق السياسي والعاطفة الوطنية الجياشة ، تميزت أشعار الراحل القدال بالكتابة العامية التي تناقش قضايا وهموم الناس في عموم البلاد وبلغةٍ بسيطة جزلة تمس القلوب وتستقر في روع البسطاء والحالمين، ولعل أكثر السودانيين يحفظون رائعته الموسومة بـ«مسدار أبو السرة لليانكي .

.ويعد القدال، أحد المنافحين ضد الأنظمة الديكتاتورية التي حكمت السودان، بدءاً من نظام الرئيس الأسبق الراحل جعفر نميري، مروراً بنظام الإخوان المسلمين البائد. ، وهو ، إلى جانب الشاعرين الراحلين محجوب شريف ومحمد الحسن سالم حميد، من أهم أعمدة الشعر السوداني المقاوم الذي عبّر عن صوت الشارع السوداني .

كما تميزت تلك الأشعار بالروح الثورية الوثابة، مما جعلها ركناً أساسياً في شعارات وهتافات الثوار تشحذ هممهم وتدفع بهم نحو المقاومة،. ،، يقول القدال في نصه «بقول غنوات» الذي غناه صديقه الفنان مصطفى سيد أحمد الذي رحل بالدوحة أيضاً العام 1996م: «مرق من شامة القمرة، ومجرتق بوداعة الله، ومقدم بالعديل يبراك، أبشروا تعالوا يا جنيات، شليل ما راح.. شليل ما فات، شليل عند المسور مرق بقالو حصاد، شليل فوق التقانت قام خضار وبلاد»

(2)

وكان شاعرنا قد توفي بالعاصمة القطرية الدوحة في يوليو من عام 2021م بعد معاناة طويلة مع المرض في عمر ناهز ال(70)عاما ، ونقل جثمان الشاعر القدال، إلى العاصمة الخرطوم ووري الثرى في بلده التي احبها واحبته، بقرية حليوة في ولاية الجزيرة، ودرس المرحلة الثانوية بمنطقة المدينة عرب .

بدأالقدال دراسة الطب في جامعة الخرطوم، غير أنه لم يكمل تعليمه به ليتجه إلى دراسة الإدارة، تغنى بأشعار القدال العديد من الفنانين السودانيين، على رأسهم الفنان الراحل مصطفى سيد أحمد وفرقة عقد الجلاد الغنائية. ، وكان لراحل القدال– بجانب كتابة الشعر- عازفاً ماهراً وتشكيلياً، عمل في بداية حياته بتلفزيون السودان القومي.،

(3)

حينها رحيل القدال مثل حزن جديد و عميق في خاطرة الوطن والمواطن ،الانسان والمكان ،لطالما كان شعره نصيرا للضعفاء ضد الظلم والظالم ،كان صوتا عاتيا يحض على الكفاح والنضال والامل ، فتح مزاليج الشعر ذا العبارة الشعبية والريفية في اذان الحضر والمدن ونقل صوت الهامش المبدع ومفردته الى قلب المركز والمشهد الثقافي.

،منح النص الشعبي قوته وتاثيره في ظل تمدد الشعر الحداثوي نظما ومضمونا و تركيبا ،أوجد القدال مساحة جديدة للراغبين في كتابة الشعر على طريقته فاقترب كثيرون من طريقة نظمه و اجترار مفرداته ،عاش كما اراد بسيطا مرتبا و صادقا و رحل ولم يبق بيت في الوطن الا و شيعه بالدموع و الدعاء.

رحم الله رجلا عظيما محبا لأمته ووطنه وشعبه رحم الله صوت الشعب الذي أفتى حياته منحازآ للحق والصدق والجمال في مواجهة الزيف والقبح والطغاة الأستاذ الشاعر محمد طه القدال تقبله الله القبول الحسن في الخالدين وجعل قبره روضة من رياض الجنة .(نا لله وإنا إليه راجعون).

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى