حينما تنغمس الام في مشغوليات البيت والونسة والقيل والقال واخبار الدنيا . وينشغل الاب في عمله الاساسي وربما له عمل آخر بعد عمله الرسمي تجد الاولاد يصولون ويجولون في فضاء آخر ليس له حسيب ولا رقيب (فضاء الشلة) والتي تتكون من عدد من الاصدقاء جمعتهم مدرسة او جامعة او حتى جيران .
هذه (الشلة) بمرور الزمن والانسجام من واقع التواجد مع بعضهم لساعات طوال قد تغني الفتى او الفتاة تماما عن الأسرة . فتتشكل احلامهم واهدافهم من هذه الشلة سواء ان كانت (شلة طيبة) او (شلة سيئة) المهم هو يجد نفسه داخل اسرة بديلة لا يفارقهاالا ساعات بسيطة في اليوم .برمي همومه والامه ولحظات فرحه في هذه (الشلة)يقاسمونه الآلام والاحزان والفرح والسعادة.
ومنذ زمن طويل ظهرت مثل هذه الشلليات مع إختلاف كبير بينها منها (شلة ترمي بالفتى الى المهالك والضياع) و(اخرى تهديه الى طريق النجاح والفلاح) ولكن هناك فقط تتحدث عن الشلة التي تورد موارد الضياع وتجعل الشاب يسير في سكة مظلمة لايعرف لها مخرج!
(ظاهرة موجودة):
كمجتمع يجب ان لا نغض الطرف عن هذه هذه الظاهرة الاجتماعية فهي موجودة ومؤثرة لحد كبير جدا حسب حديث المعلم بالمدارس الثانوية بالخرطوم (نزار السماني) مضيفا ان هذه الظاهرة تجد أرضا واسعة تتحرك عليها مع تنامى ظاهرة أخرى نتحدث عنها كثيرا وهى «التفكك الأسري» فالسؤال هنا هل صارت الشلة هى البديل العصرى للأسرة ؟.
ان كانت تلك هي الحقيقة أي ان الابناء اصبحوا يستبدلون الأسر بالاصدقاء في محور (الشلة) ذلك ما يسرع بانقلاب اجتماعى كبير قد يؤثر على مفاهيم الزواج والقيم العائلية، لذلك لابد لنا الوقوف عند ظاهرة (الشلة) وتمسك الابناء وتعلقهم بها ولايجب ان نتجاهله على الاطلاق باعتبار اننا منشغلين باشياء اخرى فالموضوع يحتاج إلى تفكير ودراسات متأنية،.
لكى نأخذ من مفهوم الشلة إيجابياته ونتجنب سلبياته من دون أن ندمر مفهوم الأسرة أو نحوله لمصنع ينتج لنا العناصر البشرية التى تستخدم فى تكوين الشلل.وعلى الآباء و الامهات عدم ترك الابناء على راحتهم في التعامل مع (الشلة) لابد من تحديد زمن لملاقاتهم و من الحضور منهم مع متابعة سلوك هذه (الشلة)فإن كانت سيئة يجب ان تسحب ابنك مباشرة منهم حتى لا يغوص كثيرا في بحار الضياع.
(بديل الأسرة):
ابتعاد الام والاب عن ابنائهم يجد فيه الاولاد فرصة للتحرر فينطلقون فى النوادى والشوارع والحدائق يعيدون تشكيل طبيعة العلاقات فى المجتمع على أساس «الشلة» فكل واحد يختار أصحابه على هواه، لأنه لم يختر والديه، أو أخوه، أو أقاربه، وصار من الطبيعي أن تسمع شخصا يشكو لصديقه من أخيه أو أبيه.
بل وصار من السهل أن تسمع واحدا يقول «أبوي عذبني) بالمتابعة او (أمي كرهتني جاي من وين و ماشي وين) فهو يرى في هذه الشلة امانه اكثر من اسرته. بل هناك من يخرج من بيته ولايرجع اليه الا بعد ايام لانهم اصبحوا يبيتون مع بعضهم في منزل احدهم.
.او يخرجون في رحلة تستغرق اياما ويسافرون لامر ما دون علم اسرهم. وبهذه الطريقة تحولت الشلة إلى بديل الأسرة لما توفره لأعضائها من خصائص لا ينعم بها فى أى مكان آخر كحرية التعبير، والمشاركة فى الرأى دون فرض أى قيود، ودون وصاية من أب أو أخ كبير، فضلا عن الترفيه، والشلة كلمة لها العديد من المعانى ففى الوقت الذى يعرفها المعجم على أنها «الدرع» ومعنى الأسرة «الدرع الحصين»، الشلة والأسرة يشتركان فى أن كلاهما «درع» كلاهما يقدم الحماية على طريقته.
(مجتمع مغلق):
وتصبف دكتورة نهلة حسن بشير يقولها ان الشلة مهما كانت صغيرة تعتبر مجتمع مُغلق، وقد يبالغ أفرادها في الحياة داخل مجتمعهم وينفصلون عن العالم، بل يشعرون بتهديد من خارج شلتهم على الدوام، ويسعون للاحتفاظ بسريتهم وخصوصيتهم. وقالت : مع مرور الوقت لا يعيش أفراد الشلة حياتهم الطبيعية.
،ولا يشعرون بالمسؤولية تجاه أنفسهم، فيستمرون في التقوقع والاجتماع بسرية، مما يؤدي إلى انفصالهم عن عائلاتهم وعن عالم الزملاء والجيران ..و أحيانًا ينفصل اثنان أو أكثر من أفراد الشلة لتكوين شلة أخرى منفصلة، وتخطط الشلة الجديدة لنفسها ضد أصحابهم القدامى، بل احيانا تبارك الشلة الأصلية هذا الانفصال وتوافق عليه
(رأي علم النفس):
يرى علماء النفس أن هناك عوامل نفسية تؤدى إلى «الشللية» منها الشعور بالتوافق بين أفرادها واكتساب خبرات وتجارب حياتية والحفاظ على الفردية واكتساب روح العمل الجماعى وانعدام التميز الطبقى فالشلة لا ترتبط بمفهوم التقارب الطبقى أو المهنى، جزء مكانى، وآخر نفسى، كأن تكون شلة النادى، والمدرسة والجامعة.
الأمر الذى يبعد الأشخاص من كثيرى الشكوى والتذمر والأنانيين عن الانضمام لأى شلة، لأنها تقوم على المساواة بين أعضائها واعتزاز كل فرد بذاته دون التبعية لأحد، خاصة أن هدفها هو الاستمتاع باللحظة ولهذا علينا النظر فى قول رسول الله، صلى الله عليه وسلم: «المرء على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل».