القفزات الكبيرة في سعر الدولار مقابل الجنيه السوداني منذ بداية العام الحالي 2024 اثارت بعض الشكوك حول العوامل التي تحرك اسعار السوق الأسود للدولار. السؤال المطروح هو هل هي عوامل حقيقية مرتبطة بأسباب مبررة اقتصاديا ام هناك عوامل غير مبررة مثل مضاربات تجار العملات الاجنبية بقصد رفع الدولار عمدا او نتيجة لدخول شركات محسوبة للحكومة او القطاع الخاص وشراء كميات كبيرة من الدولار من السوق الاسود بصورة غير مدروسة؟.
في كلا الحالتين النتيجة واحدة وهي ارتفاع مفاجي في سعر الدولار في السوق الاسود. للتحقق حول هذا الأمر اعتمدنا علي نموذج اقتصادي ملائم مع أوضاع الاقتصاد السوداني في ظل الحرب الحالية في السودان وذلك لقياس القيمة الحقيقية للدولار التي تعكس الوضع الاقتصادي الراهن بدون تأثيرات مفتعلة او مفاجئة من جهات رسمية او خاصة نتيجة لسوء تقدير.
وفقا لنتائج النموذج وجدنا ان القيمة الاقتصادية العادلة لسعر الدولار حتي منتصف العام 2024 تساوي حوالي 884 جنيه للدولار بينما سعر السوق الأسود تجاوز 2000 جنيه للدولار في نفس الفترة. هذا يعني ان فرق السعرين والذي يعادل حوالي 1200 جنيه للدولار هو نتيجة لتدخل جهة ما لرفع السعر وليست نتيجة لأسباب اقتصادية حقيقية مبررة.
ولكن في العام السابق عام 2023 الوضع كان أفضل حالا رغم انه كان عام بداية الحرب . في العام 2023 بينما كان سعر الدولار في السوق الأسود حوالي 850 جنيه ولكن سعر الدولار الحقيقي او القيمة الاقتصادية المستحقة للدولار كانت حوالي 708 جنيه. ولذلك فرق المضاربات او تأثير العوامل غير اقتصادية كان بسيط نسبيا يعادل حوالي 142 جنيه للدولار .
اذن وفقا لنتائج النموذج يبدو واضح ان خلال العام 2024 اسباب انفلات الدولار ليست مبررة بل هي نتيجة لتدخل مقصود لرفع السعر ،ولذلك يمكن القول انها حرب اقتصادية مفتعلة مواجهتها تستدعي إجراءات أمنية مشددة في الوقت الراهن ، والسعي لتكوين احتياطي مقدر من الذهب للبنك المركزي في المستقبل المنظور.
إبراهيم إونور
أستاذ الإقتصاد والتمويل
جامعة الخرطوم