أسامة عبد الماجد: ماقبل مفاوضات جنيف.. (11) ملاحظة
قبل تلبية الحكومة الدعوة الامريكية ل مفاوضات جنيف العاصمة السويسرية، او رفضها او تشترط بشأنها، (١١) ملاحظة نحاول قراءة المشهد العام بها.
أولاً: مع ملف مفاوضات جنيف تتعامل الحكومة بطريقة ملاحظة تدعو للريبة اكثر من كونها يكتنفها الغموض.. راجعوا كل جولات منبر جدة وشح المعلومات.. ورضوخها للتفاوض باسم الجيش لا كحكومة بقبولها ابعاد عضو الوفد سفير السودان لدى الصين عمر ومشاركته كمراقب.
ثانياً: تعاملت الحكومة بعدم شفافية مع ملف التفاوض.. بعد مشاركتها الشهر الجاري في اجتماعات غير مباشرة في جنيف مع المليشيا.. لم توضح بصراحة طبيعة مادار.. بينما الاخبار الواردة تقول ان المشاورات شهدت “توافقاً” على بعض بنود أجندة المفاوضات المتعلقة بالأوضاع الإنسانية التي خلفتها الحرب.. ولم تحدد الحكومة حتى اللحظة طبيعة هذا التوافق..
ثالثاً:على الحكومة ان تتعظ من حرصها على سرية اي خطوة تخطوها .. اذ سرعان مايفتضح امرها وتعجز عن معالجة الموقف.. والامثلة كثيرة ، لقاء البرهان مع نتنياهو خرج من تل ابيب.. تفاصيل الاتصال بين البرهان وبن زايد اعلن من ابوظبي.. مشاورات جنيف/ الشأن الانساني اضطرت معها الحكومة اصدار بيان ومعاتبة المبعوث الاممي وقالت – دون ان يطرف لها جفن – اتفقنا على السرية.
رابعاً: الدعوة الامريكية مقدمة للقوات المسلحة لا الحكومة.. وفي ذلك مساواة للجيش بالمليشيا.. رغم ان وفد الاخيرة يضم شخصيات لم تحمل السلاح ولم تكن ضمن قوات المليشيا .. احدهم صحفي وآخر قانوني مغمور دخل مجال الرياضة بالشباك.
خامساً: يبدو الاهتمام الامريكي محيرا حال تجاوزنا محاولات واشنطن تبييض وجه ادارة الرئيس بايدن بتحقيق انجاز خارجي.. بعد الخيبة في فلسطين..
وذلك لان مسؤولون أميركيون قالوا لصحيفة “فورين بوليسي” (إنه في حال أبدى الجانبين جديتهما لإنهاء الصراع، وإرسال مفاوضين كبار، فإن بلنكين، وسفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة ليندا توماس، يمكن أن يفتتحا المحادثات أو يترأساها مباشرة)..وكذلك أشار مسؤول كبير بالخارجية الأميركية، الى أن بلينكن منخرط بشكل شخصي في تحديد السياسة الأميركية تجاه السودان).. فهل توصلت الحكومة لسر اهتمام واشنطن.
سادساً: الاكثر حيرة هو موقف المبعوث الأميركي الخاص لدى السودان توم بيرييلو.. ففي وقت تشترط بلاده لقائه بالمسؤولين السودانيين في مطار بورتسودان.. ينتشر خبر مشاركته في إقناع كبار المفاوضين من طرفي الصراع لحضور المحادثات – بحسب صيغة الخبر – .. والسؤال مع من يتواصل بيرييلو في بورتسودان وماهي طبيعة النقاشات؟.
سابعاً: سارع الباغي الشقي حميدتي للترحيب بالدعوة الامريكية.. وغير العادة لم ينسب الموافقة لنفسه وكتب على منثة إكس (أن القوات قررت المشاركة في محادثات بوساطة أميركية، تبدأ في 14 أغسطس، في سويسرا لتحقيق وقف شامل لإطلاق النار في جميع أنحاء البلاد).. وهذا يستوجب على الحكومة دراسة موافقته السريعة.
ثامناً:لم تستثمر الحكومة في انتقاد مشرعون جمهوريون في مجلسي الشيوخ، والنواب، سياسية إدارة الرئيس جو بايدن تجاه السودان.. ويحسب وكالات قدموا قرارات تعترف بالفظائع المرتكبة في السودان.. باعتبارها أعمال إبادة جماعية.. فمتى تستفيد الحكومة من هذة الاصوات الامريكية التي تؤكد ان حميدتي مجرم وقائد مليشيا.
تاسعاً: صمتت الحكومة على انقلاب الولايات المتحدة على السعودية بتحويلها من فاعل رئيسي وراعي للمفاوضات الى مراقب.. بدليل ان نقل المفاوضات من جدة الى جنيف وتوجيه الدعوة من الخارجية الامريكية وحدها بمعزل عن نظيرتها السعودية.
عاشراً: فاجأت واشنطن الجميع – ربما عدا حكومتنا – بضم الاتحاد الأفريقي والإمارات بصفة مراقب.. ومعلوم موقفهما من السودان الذي لم يتغير.. عدا اتصال يتيم معلن بين البرهان ونظيره الاماراتي.. وبالتالي الحكومة مطالبة بتوضيحات وتحديد موقفها منهما.. مع تأكيد الترحيب الحار بمصر كمراقب.. وحبذا لو انضمت قطر.
حادي عشر:توجد مؤشرات لاعتزام واشنطن فتح ملف ثالث (سياسي).. الى جانب وقف اطلاق النار والشان الانساني.. الدليل على ذلك قول بلينكن أن المحادثات الجديدة لا تهدف إلى معالجة القضايا السياسية الأوسع.. لكنه أكّد على أهمية أن يكون للمدنيين دور قيادي في تحديد عملية تروم معالجة القضايا السياسية، واستعادة الانتقال الديمقراطي.
وأشار بلينكن بأن المحادثات، إن عقدت، لن (تعالج قضايا سياسية أوسع نطاقا).. بمعني بالامكان مناقشتها على مستوى الجيش والمليشيا وحفظ حصة لهما من السلطة.. وحتى حميدتي في تغريدته اشار الى ان المفاوضات تمهد الطريق إلى حل سياسي تفاوضي سلمي يعيد البلاد إلى الحكم المدني ومسار التحول الديمقراطي