منى أبو زيد تكتب: أن يبلغ الأمر هذا الحد!
منى أبو زيد تكتب: أن يبلغ الأمر هذا الحد! “لعن الله السياسية وساس ويسوس”.. الشيخ محمد عبده..!
عندما تَسَوَّر الخوارج بيت سيدنا عثمان بن عفان رضي الله عنه يبلغ الأمر أن نزعت زوجته نائلة بنت الفرافصة – التي كانت تحبه حباً جماً – خمارها ونشرت شعرها حتى تشعرهم بالحرج إذا علموا أنها بغير خمار فيرجعون، وذلك لما نما إلى علمها من تظاهرهم بالصلاح..!
يبلغ الأمر أنهم اقتحموا المكان بسيوفهم وعندما استبسلت في الدفاع عنه قطعوا أصابع يديها وقتلوه، فأخذت رأسه بين يديها ووضعته على حجرها وهي تبكي حسن ظنها بهم، لأنها لم تكن تدري بأن الأمر سوف يبلغ هذا الحد..!
وعلى الرغم من اختلاف الروايات بشأن أسباب خروج السيدة عائشة رضي الله عنها في موقعة الجمل، من إرادة الإصلاح إلى المطالبة بدم سيدنا عثمان، إلا أن المتفق عليه هو أنها قد ندمت على خروجها، وكيف أنها لم تكن تتوقع أن يبلغ الأمر هذا الحد..!
وعندما رأي علي بن أبي طالب رضي الله عنه كثرة الدماء يوم موقعة الجمل أبدى ندمه وهو يخاطب ابنه الحسن قائلاً “يا بني هلكت”، وعندما عاتبه الحسن وذكره كيف أنه قد اجتهد في تحذيره، رد عليه بأنه لم يكن يتوقع أن يبلغ الأمر هذا الخد..!
حتى الخوارج الذين تكونت بذرة فرقتهم على يدي رجل من المنافقين كان يقدح في عدالة توزيع النبي صلى الله عليه وسلم للغنائم – والذين ثاروا على سيدنا عثمان وقتلوه، وتمردوا على سيدنا علي وقتلوه – هم أيضاً لم يتوقعوا أن يبلغ الأمر هذا الحد..!
التاريخ مليء بحكايات الحروب التي بدأت بأحداث لم يتوقع الذين أشعلوها وقادوا جحافل جيوشها أن تبلغ الأمور مثل هذا الحد. والذين تسببوا في إشعال هذه الحرب أيضاً لم يتوقعوا أن تتمخض الثورة فتلد انقلاباً، وأن يتمخض الانقلاب فيلد حرباً، لم يتوقعوا أبداً أن يبلغ الأمر هذا الحد..!
والآن، بعد أن بلغ الأمر كل هذا الحد ما يزال معظم الساسة قابعون في منطقة الراحة، دون أن يتغيروا ما بأنفسهم حتى يغير الله ما بهم، لأنهم يخافون من القفز بجرأة في ظلام الاحتمالات..!
ولأن منهم من يخشون تمرد القواعد التي صارت تتبنى قناعاتهم الحماسية والطوباوية – بشأن ضرورة استمرار هذه الحرب – أكثر منهم. والآن بعد أن طال الأمد وتعب الشعب وعز الصبر واستوى الماء والحجر كيف يواجهون نتائج ما تم تنفيذه من خطط الساسة وكيف يستمرون مع تبعات ما تم تغليبه من أجندات السياسة..!
إنه عالم الساسة وبراغماتية السياسة التي تتعارض في أغلب أحوالها مع الأخلاق، لكن أهلها لا يعدمون السفسطة التي تُمنطق قفزهم من فوق أعلى أسوار القيم..!
أهلها الذين يشبه أكثرهم بطل قصة ماركيز “لص يوم السبت”!