هناك فرق، منى أبوزيد: تهافُت الأبالسة!
هناك فرق، منى أبوزيد: تهافُت الأبالسة! | “سيأتي يوم على هذه الأمة تصبح الخيانة فيه وجهة نظر”.. غسان كنفاني !
دعنا نتحدث اليوم عن بعض أشقياء الحال والمآل الذين مثلهم كمثل من يسرقون من أموال آبائهم ليطعموا اللصوص، فلا سامحهم آباؤهم ولا كافأهم اللصوص..!
بعيداً عن شخصنة المواقف، وبالحرص اللازم على تَحرِّي الموضوعية، وبالقدر المطلوب من الثبات الانفعالي، وبالكم والكيف اللازم من ضبط النفس، ها أنا ذي أطرح السؤال التالي..!
هل الدكتور علاء نقد عضو تنسيقية تقدم الذي أطلق تلك الأكاذيب الفجة بشأن تبرعات المليشيا لدعم الموسم الزراعي في ولاية الجزيرة، وبشأن التعايش المزعوم الذي يخيم على مناطق سيطرتهم، فلا يعكر صفوه سوى طيران الجيش – هل هذا الرجل – سوداني..؟
هذا الرجل هل هو سوداني بمعيار الرجل العادي – كما يقول أهل القانون – وليس عميلاً أجنبياً مثلاً تمت زراعته في كلية الطب قبل سنوات طويلة، وبعد خضوعه لبعض عمليات التجميل؟. أو كائن فضائي مثلاً، ينتمي إلى مَجرَّة أخرى مُعادية لدرب التبانة ولكل ما يمت للإنسانية فيها بصلة..!
لعل تنسيقية تقدم التي صدعت رؤوسنا بإدانة اعتقاله – والمطالبة بإطلاق سراحه في مطلع هذه الحرب – قد عرفت الآن لماذا تم الاعتقال، والله وحده يعلم لماذا يطلق سراح أي دَعَّامي والدنيا حَرِب..!
هذا الرجل الذي تفنن في إضحاك ربات الحداد البواكيا بصنوف من شر البلية جعل حال تنسيقية تقدم تشبه حال ذلك الزبون الذي أصابه الذهول من أكاذيب العرضحالجي بشأن مظلمته المزعومة في فناء المحكمة..!
وحتى بعد أن سارعت تقدم إلى التبرؤ من تصريحاته، وبعد أن أصدر مؤتمر الجزيرة بياناً للناس فند فيه كل أكاذيبه بالأرقام، ما يزال الرجل يكذب ويَتحرَّى الكذب وكأنه كيان شيطاني مُنبَت في أحد فصول ملحمة إغريقية..!
السؤال التالي – بذات القدر الوافر من ضبط النفس – هو، كيف يمكن التفريق بين أمثال علاء نقد الذين يختبئون خلف شعار لا للحرب، والآخرين الذين يدعون لإنهاء هذه الحرب دون أجندة أو أثمان أو عمالة..!
المعيار اللازم للتفريق – بين من ينادي بإنهاء هذه الحرب رفقاً بهذا الشعب ومن يقول لا للحرب وهو يدعم المليشيا – يكون بتمحيص موقف الطرف الرافض لاستمرار هذه الحرب. موقفه من الجيش من جهة، وموقفه من مليشيا الدعم السريع من جهة أخرى، وهذا ليس امتحانا صعباً، بل تصنيف واضح وضوح الشمس في رائعة النهار..!
ثم أن طبيعة الرفض نفسه تختلف، فهنالك لا للحرب التي تصدر عن من يجبنون عن إدانة المليشيا أو يصرون على إدانة الجيش أو يساوون بين الطرفين، وهؤلاء يدعمون المليشيا بشكل أو بآخر..!
وهنالك في المقابل من يدعو إلى إنهاء الحرب رفقاً بهذا الشعب فقط، مع إعلان الدعم الكامل للقوات المسلحة السودانية، ومع مباركة إنهاء الحرب على النحو الذي يحفظ الحقوق ويرد المظالم..!
أما وصف الداعمين للجيش بأنهم كيزان أو فلول ما هو إلا فزاعة تستخدمها المليشيا ويستخدمها أنصارها للتقليل من شأن المواقف الوطنية الناصعة..!
وهذا التباس مصطنع لأنهم يعلمون تماماً أن الوقوف مع الجيش وإدانة جرائم المليشيا هو الموقف الوطني الصائب بمعيار المواطن السوداني صاحب العقيدة الوطنية الخالية من أغراض السياسة وأجندات السياسيين..!
أما الالتباس الحقيقي الآخر فهو عند أهل لا للحرب ولا لدعم الجيش ولا لإدانة جرائم المليشيا، وهؤلاء يكتمون شهادة الحق نكاية في الإسلاميين الذين يقاتلون مع الجيش، وخوفاً من عودتهم إلى السلطة. ثم يتظاهرون بالاندغام في جموع الشرفاء الرافضين لاستمرار هذه الحرب من أجل الوطن والشعب..!
اللهم إننا نشكو إليك ضعفنا وقلة حيلتنا وهواننا على أشباه الكيانات الشيطانية في الملاحم الإغريقية، وعبيد الآلهة الذين يدحرجون صخور المؤامرات – نكاية في الإسلاميين وخوفاً من عودتهم إلى السلطة – من قمم انتهاكات المليشيا إلى سفوح معاناة وعذابات الأبرياء العُزَّل..!