ضبط تحركات السفراء الأجانب! | استراتيجيات.. د. عصام بطران
ضبط تحركات السفراء الأجانب! | استراتيجيات.. د.عصام بطران
ضبط تحركات السفراء الاجانب المعتمدين بالدولة غاية من الغايات المهمة التي تحقق السيادة الوطنية وتنظيم تحركاتهم الرسمية البينية مع مؤسسات الدولة المضيفة وداخل مكونات المجتمع وطبقاته المختلفة والمشاركة في المناسبات العامة والخاصة شأن يخص وزارة الخارجية.
ومن البديهي ان تعلم الوزارة كل صغيرة وكبيرة يجريها السفير المعتمد خارج مقر سفارته واقامته بل على وزارة الخارجية متابعة اتصالات الوزارات والولايات المباشرة مع السفراء والدبلوماسيين المعتمدين لدى الدولة وان تكون كل المقابلات الرسمية والشعبية مع الاحزاب ومنظمات المجتمع المدني ورجال الاعمال بل حتى مقابلات مجلسي السيادة والوزراء بعلم وموافقة مسبقة ومرافقة من وزارة الخارجية ..
– المادة ٤١ من اتفاقية “فينا” المنظمة للعلاقات الدبلوماسية نصت انه: “على الرغم من عدم المساس بالمزايا والحصانات على الاشخاص الذين يتمتعون بها احترام قوانين ولوائح الدولة المعتمدين لديها وعليهم كذلك واجب عدم التدخل في الشؤون الداخلية لتلك الدولة وكل المسائل الرسمية المعهود بحثها لبعثة الدولة المعتمدة مع الدولة المعتمد لديها .
يجب ان تبحث مع وزارة خارجية الدولة المعتمد لديها عن طريقها او مع اي وزارة متفق عليها .. والا تستعمل مباني البعثة في اغراض تتنافى مع اعمال تلك البعثة التي ذكرت في هذه الاتفاقية او مع قواعد القانون الدولي العام او مع الاتفاقيات الخاصة القائمة بين الدولة المعتمدة والدولة المعتمد لديها” ..
– هذا النص المعتمد بالمنظمة الدولية تتم قراءته وتفسيره لصالح حساسية العمل الدبلوماسي واقترانه الى جانب عمل المخابرات الذي يفصل بينهما خيط رفيع .. اذ ان نقل المعلومات ودراسة احوال واسرار الدولة لصالح الامن القومي لتلك الدولة هو المحصلة النهائية لرعاية مصالحها الاستراتيجية ..
– في العادة يقيم السفير في عاصمة الدولة الاجنبية التي يوفد اليها وتسمح له هذه الحكومة ب”السيادة” على قطعة ارض محددة عليها مباني السفارة ويتمتع السفير وجميع الموظفين الذين تحت سلطته في سفارته والمركبات والبريد ومبنى السفارة بحد ذاته بحصانة دبلوماسية يمنحها لهم البلد المضيف ومن المتعارف عليه ان يكون السفراء على درجة عالية من الثقافة والكياسة والسياسة واتقان التكلم بلغات اجنبية والاحاطة بعادات وتقاليد واعراف محطة اقامته ..
– صحيح ان السفير يمارس مهمته في حدود السياسة المرسومة له من وزارة خارجية بلاده التي يتحكم فيها منطق المصلحة ولكن التطور في مجالات الاتصال والتواصل الاجتماعي الالكتروني مهد الى قفزة نوعية في طرق الاتصال الدبلوماسي فتم تجاوز طرق المخاطبات الرسمية الى الاتصال عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
وفي ذلك امثلة عديدة لسفراء اجانب يتواصلون مع المجتمع السوداني وكبار المسؤولين بالدولة عبر تطبيقات التواصل الاجتماعي من قبيل الواتساب والفيس بوك والتويتر وغيرها من التطبيقات التي تدور عبرها الاتصالات من خلف ظهر وزارة الخارجية ومن خلالها تتم عمليات الاستقطاب الدبلوماسي والمعلوماتي وتنشط من خلاله دوائر المخابرات الاقليمية والدولية ..
– نماذج كثيرة من حركة غير منضبطة في تحركات السفراء تتم باريحية ودون مساءلة ولا متابعة ورقابة من سلطات وزارة الخارجية .. وتظهر مقاطع فيديو تبث في وسائل التواصل الاجتماعي يقابلها الاحتفاء الكبير الذي يحاط به السفراء والسعادة الغامرة التي تبدو على الوجوه وهم يشاركون حشدا جماهيريا ويرددون الهتافات والغناء والرقص في مشهد يقل وجوده في بلد غير السودان ..
ثم سفير يقابل اعضاء احزاب او حركات مسلحة ويمر المشهد دون مساءلة للجانبين .. ثم سفير يتمدد في زيارة المرافق والدواوين الحكومية .. ثم سفير اخر يوزع الاطعمة والمشروبات على شارع النيل افطارا للصائمين .. ثم سفير يكرم بائعة شاي تجلس جوار مقر اقامته .. وسفير يلتقي منظمة خيرية ويبذل لها من العطايا المعلومة والخفية ..
واخر يلتقط صور السيلفي مع ضيوفه الذين ولجوا دون رابط او ضابط الى حفلات الاستقبال الرسمية والاجتماعية .. ومؤتمر صحفي يعقده سفير دولة وبلادنا تشهد خلافات مبدئية مع حكومته ويقول مالم يستطع رئيس وزرائنا قوله عن علاقاتنا مع حكومة بلاده وسط جمع من الصحفيين واجهزة الاعلام العالمية ووزارتا الخارجية والاعلام لاتعلمان عن المؤتمر الصحفي الا من خلال النقل والبث الحي على القنوات الفضائية ..
– لا نسئ الظن ان غالب تحركات السفراء والدبلوماسيين تتم خلف ستار عن سلطات وزارة الخارجية ولكن نجزم بان خلل ما يحيط بعملية ضبط حركة السفراء في البلاد وهذا الخلل قد ينعكس على فقد هيبة الدولة وحكومتها واستسهال امرها وعلامات الخطر تنذر باختراقات في جدار الامن القومي نتيجة التبرعات المجانية في تدفق المعلومات عبر التواصل المنفتح للسفارات مع اجهزة الحكم والمجتمع دون محددات او لوائح تحكم عملية التواصل الدبلوماسي الاجنبي ..