جدول المحتويات
البنت لابن عمها.. فتيات يعشن هواجس الخلاص واغتيال الخيارات
البنت لابن عمها.. فتيات يعشن هواجس الخلاص واغتيال الخيارات
مما لا شك فيه ان المجتمع السوداني بكل قبائله واختلافاته معروف بأنه مجتمع ملتزم ومحافظ على العادات والتقاليد بشكل عام .. ولكن اغلبنا قد يقف عند عادة تتمسك بها بعضا من القبائل السودانية والتي تحتاج إلى تفكير وتغيير حتى تصب هذه العادات في مصلحة المجتمع·· فمن أبرز ما يحتاج إلى إعادة نظر أن يقوم الأهالي بـ(حجز) الفتاة منذ صغرها لابن عمها أو ابن خالها أو خالتها··
معتقدين أنهم بذلك يقطعون حبل الوصل مع أي شخص يريدها زوجة في المستقبل·· كما أنها قد تكون مرتبطة كلامياً فقط ثم لا يقدم ابن عمها على الزواج منها، ما يجعلها رهينة لمشورته ورغبته حتى تصل إلى سن العنوسة· قد تكون هناك زيجات ناجحة من هذا الحجز الأسري·· لكن الغالبية العظمى فشلت فشل ذريع لعدم وجود التوافق المرجو والمطلوب لبناء بيت الحياة الزوجية بطريقة متماسكة.
تقارب العائلة:
هناك من يرى ان هذه العادة لا ضير فيها بل بالعكس فهي شيء جميل أن تتقارب العائلة أكثر من خلال أبنائها وبناتها، لكن كل شيء بحدود . بينما يرى آخرون انه لا يجب ربط الفتاة باسم أحدهم منذ الصغر، ..بل لابد ان تترك لهم الحرية والاختيار . كل يختار شريكه فإذا بن العمل لا يرغب في الزواج من ابنة عمه لا يجبروه. وايضا البنت ان لم ترغب في ابن عمها لا تجبر لأن لو تم اجبارهما لن تمشي حياتهما الزوجية بالنسبة المطلوب . وبذلك ننسئ جيل واعٍ وقادر على اتخاذ القرارات، وبالتالي إيجاد عائلة ذات علاقة متفتحة ومحافظة على التواصل والقرب الأسري
حجزني واتزوج:
بطلة قصتنا (رانيا) قالت .حجزوني لابن عمي وكان عمري ست سنوات وهو في المرحلة الثانوية تخرج وهاجر الى احدى الدول العربية . وعندما كبرت اخبرت اهلي انني لا اريده مع العلم أنه لايحق لي الرفض، وقد تعرضت للأذى من أمي وابي واشقائي لانني اعترضت و حاولت أن اختار رجلا غير ابن عمي فرأوا ان ذلك عيبا وحرموني من الخروج بل من الذهاب إلى العمل وكنت اعمل في وظيفة كبيرة باحد البنوك وتقدمت في العمر .وابن عمي لايحرك ساكنا حتى قامت الحرب ونزحنا وانقطعنا عن اعمامنا شهورا .وعندما تواصلنا فوجئنا بابن عمي عريسا على شابة غريبة عن الأسرة.خسرت انا سنوات عمري.
يرجع السيرة:
وعادة الحجر تتضمن أمورا متعددة منها أن يعلن الأب أن ابنته محجوزة فلا يتقدم لها أحد، وإن تقدم أي خاطب لها فإن مصيره الرفض، لأن «البنت لولد عمها»، بل إن ابن العم أحيانا هو من يقوم بالحجز، حسب المقولة الشعبية(ود العم برجع السيرة) بمعنى هذه أن ابن العم لديه الحق في ارجاع اهل العريس الذي عقد عليها عقد القرآن .يطلقها منه ثم يتزوجها.
رجعنا سد المال:
(هدى) التي تدخل في عامها الاربعين ولم نتزوج الى هذه اللحظة .قالت: بينما كنت في الكوافير استعد لاستقبال اهل العريس الذي كان زميلي بالعمل .اتصلوا على اهلي واخبروني ان بن عمي جاء وقال (رجعوا المال لاهله) أي ردوا إلى العريس ماله لانني اريد ابنة عمي زوجة لي.مع الاسف رجع اهل العريس ب(سد المال) وبفرحتهم ، فجلست انتظره اربع سنوات وفي النهاية تزوج غيري ولم يعبرني ولم يعبر اهلي الذين يشعرون بعذاب الضمير والاسف والندم .ضاعت جميع فرص الزواج بالنسبة لي بينما زميلي الذي ارجعه اهلي لديه الان ثلاثة من الابناء.
ليست ريفية:
وقالت الباحثة الاجتماعية نهلة حسن بشير : ربما لا يتوقع كثيرون أن هذه الممارسة موجودة حتى اليوم في السودان . ولعلهم يعتقدون انها عادة ريفية في السابق، إلا أن هناك من نقلها معه إلى الحياة المدنية،
وأصبحت أحد أشكال المعاناة للفتيات، إذ تُصادَر إرادتهن باسم العادات والتقاليد.
الذي سُميت له، واضافت: الأمر يصبح قطعيا بمجرد إعلانه, . وزادت مع أن هذه الممارسات تخالف الشريعة الإسلامية مخالفة صريحة، إذ جاء في الحديث: «لا يخطب الرجل على خطبة أخيه»، إلا أن عادة الحجز تكتسب الثبات من رابطة الدم الوثيقة بين الآباء دون الرجوع إلى رغبة الفتاة او حتى الشاب ودون مراعاة للتكافؤ النفسي والفكري بينهما.
صفة القبول:
وقال المحامي معاوية تاج الدين :كثيرا ما نسمع خلال عملنا القانوني عددا من المبررات والمعتقدات من بعض الآباء، فمنهم من يظن أن تمسكه بهذه العادة هو إعلاء لشأن القبيلة، وإكرامٌ لابن أخيه.، ومفهوم طبعاوأن العادات التي تتغلغل في مجتمع ما، تكتسب مع الوقت صفة القبول، وتصبح عُرفا، فتزداد المشقة على من يحاول تغييرها. واضاف معاوية :لكنه واجب على المجتمع -بكل مؤسساته- أن يقاوم هذا الفعل الذي هو في حقيقته استيلاء على إرادة المرأة، وتعسف في استخدام ولاية الأبوة، كما أنه انحراف بالزواج عن هدفه الذي هو الرحمة والمودة والاكتفاء العاطفي والجسدي.
أغتيال الخيارات:
عموما :ممارسة الحجز على أي امرأة، هو اغتيال لكل خياراتها في الحياة، لان المحجوزات غالبا ما يقعن فريسة القلق والحزن، وتفسد علاقاتهن مع آبائهن،
ويعشن بهاجس الخلاص زمنا طويلا. فالفتاة
إنسانة مكتملة الأهلية والمسؤولية، فلابد ان يكون والديها لها عونا ومرشدا لها،لان سعادتها هي المطلوبة