العلاقات الإقتصادية الخارجية ما بين د. جبريل وعلي يوسف | ببساطة.. د. عادل عبد العزيز.
العلاقات الإقتصادية الخارجية ما بين د. جبريل وعلي يوسف | ببساطة.. د.عادل عبد العزيز |
الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي أعلنت أنها لن تمنح قروضاً أو منحاً للسودان الا بوجود حكومة بقيادة مدنية في السودان.
المنظمات المالية الدولية اتخذت نفس الموقف عملياً بسبب القوة التصويتية التي تملكها الولايات المتحدة داخل هذه المنظمات.
نحتاج لمنهج وطريق جديد في علاقاتنا الاقتصادية الخارجية، وخير من يقود هذا المنهج وزير الخارجية السفير/ علي يوسف، ووزير المالية والتخطيط الاقتصادي الدكتور جبريل.
في مؤتمره الصحفي بتاريخ 3 نوفمبر 2024 أشار وزير المالية والتخطيط الاقتصادي الدكتور جبريل إبراهيم الى أن المنظمات المالية الدولية، والمنظمات الدولية الأخرى العاملة في مجالات التعليم والصحة والبيئة وغيرها تمتنع عن التعامل الرسمي مع الحكومة وتتعامل مع منظمات المجتمع المدني.
إشارة السيد وزير المالية والتخطيط الاقتصادي صحيحة تماماً، ففي أعقاب (تصحيح المسار) الذي أعلن عنه فخامة رئيس مجلس السيادة الانتقالي الفريق أول البرهان في 25 أكتوبر 2021 والذي قضى بإقالة حكومة الدكتور عبد الله حمدوك الثانية،
أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية ودول الاتحاد الأوروبي إنها لن تتعامل مع السودان إلا في ظل حكومة بقيادة مدنية، واعتبرت ما حدث (انقلابا) على الحكومة المدنية.
وبسبب القوة التصويتية للولايات المتحدة داخل المنظمات المالية الدولية، وقوة التأثير داخل منظمات الأمم المتحدة الأخرى التي تدفع الولايات المتحدة الجزء الأكبر من ميزانياتها، نحت كل هذه المنظمات منحى الولايات المتحدة في عدم التعامل مع السودان، واستخدمت نفس العبارة (التعاون مرتبط بوجود حكومة بقيادة مدنية).
ما حُرم منه السودان، بسبب هذا التدخل السافر في شؤونه الداخلية، شمل مسائل اقتصادية في غاية الأهمية والخطورة. فقد تم إيقاف مسار إعفاء ديون السودان الخارجية بموجب مبادرة الهيبيك، المخصصة للدول الأقل نمواً ذات المديونية العالية، على الرغم من انطباق كل شروط الاعفاء على السودان.
وتم عمداً إيقاف قروض ومعونات دولية قامت بالتنسيق لها مؤسسة التمويل الدولية في حدود 2675 مليون دولار، خصص منها 780 مليون دولار للإصلاحات المتعلقة بالكهرباء والطاقة،
إلى جانب 575 مليون دولار للري والزراعة وحصاد المياه خاصة بحفر آبار في كردفان ودارفور وشرق السودان، و300 مليون دولار خصصت لوزارة الصحة والتعليم، و100 مليون دولار خصصت لمشاريع ريادة الاعمال (للمرأة والشباب).
، بالإضافة الي 820 مليون دولار لبرنامج ثمرات (برنامج يستهدف تقديم معونة اجتماعية للأسر في السودان لمواجهة تبعات الإصلاح الهيكلي للاقتصاد) ، و100 مليون دولار اضافية لبرنامج الوقاية من كورونا مقدمة لوزارة الصحة.
إن فرملة مسار إعفاء الديون، وإيقاف القروض والمعونات من مؤسسات برايتون وودز الخاضعة لسيطرة الولايات المتحدة الأمريكية، يستدعي إرادة وطنية قوية للتخطيط لمسار آخر للعلاقات الاقتصادية الخارجية للسودان، وخير من يقود هذا المسار بتقديري هما وزير الخارجية السفير علي يوسف الذي تم تعيينه مؤخراً، ودكتور جبريل وزير المالية والتخطيط الاقتصادي.
المسار الجديد المقترح ينبغي أن يقوم في تقديرنا على شعب أربع، الأولى: حشد الموارد الداخلية، ويتم هنا الاستهداء بالتجربة البرازيلية على عهد الرئيس دي سيلفا. ولدينا رجال أعمال سودانيين شرفاء على استعداد لتنفيذ خطة هذا الحشد.
الشعبة الثانية في المسار الاقتصادي الجديد تتمثل في الاستفادة من القروض التفضيلية التي تقدمها الصين، والانخراط في مبادرة الحزام والطريق الصينية، على أساس مبدأ كاسب/ كاسب،
وأفضل من يقود هذا المسار وزير الخارجية الجديد السفير علي يوسف بحكم عمله سابقاً كسفير للسودان بالصين، ودوره الأساسي في ملحمة استخراج البترول في السودان بمساعدة الصين، والتي أدخلت الصادرات البترولية للمرة الأولى في صادرات السودان الخارجية.
الشعبة الثالثة في المسار الجديد تتمثل في التعاون الثنائي على مبدأ كاسب/ كاسب أيضاً مع الدول التي تقف مع المؤسسات الشرعية في السودان، وتشمل هذه الدول روسيا، قطر، تركيا، إيران، مصر.
ويُقترح منح الشركات المصرية الكبرى ورجال الأعمال الكبار في مصر جزءً مقدراً من مشروعات إعادة الإعمار في السودان. وهذا ما سوف يركز عليه ملتقى رجال الأعمال المصريين والسودانيين الذي ينعقد يوم 23 نوفمبر 2024 بالقاهرة.
الشعبة الرابعة في المسار الاقتصادي الجديد تتمثل في التفاعل الجاد مع مجموعة بريكس، ومعلوم أن المؤسسين التاريخيين لها هي دول البرازيل، روسيا، الصين، الهند، جنوب افريقيا. ولوزير الخارجية السيد السفير علي يوسف سابق خبرة مع هذه المجموعة بسبب عمله كسفير في كل من جنوب افريقيا والصين.
بإذن الله لن ينحني السودان للضغوط الغربية الظالمة، وسوف يظل شامخاً بصمود قواته المسلحة والقوات المساندة لها، وبقوة اقتصاده الكامن الذي سوف يتفجر بمساعدة الأصدقاء الحقيقيين. والله الموفق.