أخبار

الإعيسر للإعلام.. هل هي “مكافأة”.. أم محاولة لرؤية إعلامية بديلة؟!

تقرير | هاشم عبد الفتاح

الإعيسر للإعلام.. هل هي “مكافأة”.. أم محاولة لرؤية إعلامية بديلة؟!

تقرير/هاشم عبد الفتاح

الحكومة على “دين” إعلامها ..!

* كيف واجهت الدولة “ترسانة” إعلامية مضادة مذودة “بعقول” أجنبية؟!

* كمال حامد: إن لم يتوفر الأمن لن تنجح الحكومة لا إعلاميا..ولا دبلوماسيا..ولا عسكرياً..!

عثمان ميرغني :الدولة تحتاج إلى إعلام يقلل درجة “الإحباط” واليأس ..!

يعتقد الكثيرون أن هذه الحرب التي تشنها المليشيا المتمردة على الشعب السوداني لم تكن (متكافئة) على الأقل في شقها الإعلامي ، وأن إعلام الدولة في هذه الحرب كان بمثابة (فريضة غائبة) .

 وعلى الضفة الأخرى كانت المليشيا المتمردة تتكئ على ترسانة ضخمة من الإعلام المصنوع والموجه الأمر الذي أفرز حالة من (عدم التوازن) في المشهد الإعلامي الكلي المصاحب لهذه الحرب.

ويبدو أن معظم المراقبين والمحللين السياسيين لمشهد الحرب وتداعياتها يعتقدون أن الحكومة ومجلسها السيادي (غيبت) عن الرأي العام المحلي والعالمي حقيقة هذه الحرب وتفاصيل ووقائع كل ما يجرى في المشهد السياسي والعسكري

ولهذا فإن كثير من المراقبين نصحوا الحكومة وجيشها بصياغة واعتماد خطاب إعلامي راشد يلبي كافة استحقاقات ومطلوبات هذه الحرب ويصحح العديد من المفاهيم والمعلومات المغلوطة بحق الجيش والدولة السودانية ، فكان من الأجدى والأهم للحكومة أن تستجيب لهذه النصائح وتعيد النظر في خطابها الإعلامي وان تؤسس لإعلام مسلح بالمعلومات والحقائق وقوة الحجة والمنطق حتى يتمكن من التصدي للإعلام المعادي .

ربما أدركت الحكومة أخيرا حقيقة أنها تحتاج إلى خطاب إعلامي وسياسي ودبلوماسي مختلف عما كان عليه طيلة فترة الحرب فلجأت إلى إجراء هذا التعديل في طاقمها التنفيذي بخروج وزير الإعلام جراهام عبد القادر والدفع بالاعلامي خالد الاعيسر والذي يشهد الجميع على أنه كان يناضل بالكلمة ويقارع الحجة بالحجة عبر شاشات الفضائيات العالمية والإقليمية ويتصدى للإعلام المضاد ، كما جاءت الحكومة أيضا بالسيد السفير علي يوسف في حقيبة الخارجية وهى بالتأكيد مرحلة عصيبة تحتاج إلى قدر من الحكمة والخبرة في إدارة الملفات الخارجية (الشائكة) والمعقدة.

ولمزيد من الايضاحات حاولت (تسامح نيوز) تسليط الأضواء على البؤر المظلمة في الخطاب الإعلامي للدولة وفي سياساتها الخارجية. )

الإعيسر للإعلام.. هل هي "مكافأة".. أم محاولة لرؤية إعلامية بديلة؟!

 غياب الإعلام (المدروس)!

يقول الكاتب الصحفي والمحلل السياسي عثمان ميرغني أن الخطاب الإعلامي المدروس غائب بصورة كاملة ولا يوجد ما يدلل على أن هناك جهة تخطط للإعلام بشقيه الخاص والعام بصورة يمكن أن تترقب نتائج معينة من هذا الإعلام بمعنى أن تكون هناك خطة لها أهداف معينة وبعد ذلك قياس المسافات التي قطعت حتى الآن لتحقيق هذه الأهداف .

وأنا أعتقد أن هذا يمثل أكثر أوجه هذه المعركة ضعفا ، صحيح أن الجيش (عسكريا) يحقق انتصارات مستمرة ، بعضها أقرب إلى الإعجاز ، نسبة لأنه لم يكن جاهز من البداية لهذه الحرب ولكنه لازال يحافظ بقوة على مكتسباته ، وحتما سيحسم المعركة عسكرياً لكن مع ذلك االإعلام له دور مهم جداً ، خاصةً على المستوى الجماهيري لأن الجيش لا يحارب لوحده فهناك أمة سودانية بكاملها تحتاج إلى إعلام يمكن أن يوجه هذه الأمة لما يمكن أن تقوم به من أعمال لدعم الجيش أو دعم الدولة السودانية بصورة عامة ، أو حتى لتقليل درجة الإحباط واليأس لدى بعض الذين بدأوا يحسون بأن المسافة الزمنية طالت أكثر مما يجب وأن هناك كثير من الترقب والانتظار .

وعموما الإعلام المدروس غائب تماماً ، وهناك منصات إعلامية كثيرة جداً أنشأتها الحكومة ولكن للأسف الشديد هى لم تؤدي أثر ان لم تكن تساعد على تشويش الوضع الإعلامي أكثر فأكثر.

 هل كان المنصب (مكافأة) للاعيسر؟!

أما بشأن تعيين الأخ الزميل خالد الاعيسر في منصب وزير اعلام ، أعتقد أنه شخص مجتهد جداً ، متحمس وله رؤية ،وجرئي في التعبير عن آراءه ، ولا أعتقد أن تعيينة (مكافأة) لما ظل يقدمه من طرح في الميديا ، لأن الذي عين خالد يدرك بأنه غير قابل لاخضاعة لأي اعتبارات وظيفية وأنه يتعامل بمنتهى الحرية ويعبر عن نفسه بصورة كافية بأن تكون ذات مردود لبعض الأطراف التي ترغب في إعلام مستكين يخدم الأجندة الحكومية والذاتية أكثر من كونه يخدم الأجندة الوطنية ، ولهذا أعتقد أن تعيين الاعيسر في هذا المنصب سيحدث فارق في الفترة المقبلة وأعتقد أن الأمر في النهاية يتوقف على الحكومة نفسها لأنه ليس هناك حكومة بالمعنى وهذا من أكبر المشاكل التي تواجه كل من يتسلم منصب تنفيذي.

إعلام (المليشيا):

وفي مقابل الإعلام الحكومي نجد أن إعلام المليشيا أكثر تنظيما رغم أنه يعاني أيضا من بعض الاختلالات لكن يبدو أنه استعان بعقول خبيرة ولذلك فهو قادر على توجيه رسائل فيها كثير من الضرر النفسي للمواطن العادي وأثره سئ لانه يعطي إحساس باطالة عمر الحرب فهو اعلام لا يسجل أي إنتصار وغير قادر على إقناع أي إنسان بانتصار ، ولكن الذي يمكن أن يؤخذ إيجابا من الإعلام الذي يأتي من التمرد هى الفيديوهات التي تؤخذ مباشرةً من الميدان لأنها هى التي توثق الخروقات والانتهاكات الكبيرة التي ترتكبها المليشيا على مدى شهور الحرب منذ بدايتها ، وأعتقد أن الدليل الأول والقوي هو الذي تبرهن وتدلل عليه هذه الفيديوهات التي تصور بواسطة نفس هؤلاء الجنود الذين يرتكبون هذه الانتهاكات والجرائم ولذا فإن هذا التوثيق مهم جداً ويفيد لاحقاً في المحاسبة التي لا بد أن تتم لكل من شارك في هذه الأعمال .

 إعلام بلا دولة.. ودولة بلا إعلام:

ويعتقد عثمان ميرغني أن الحكومة مطلوب منها أن تتعامل كدولة ولكن للأسف الشديد ليس هناك حكومة وبالتالي ليس هناك دولة.

وهذا يضعف القدرة في التعاطي مع الدول ثنائياً أو مع المؤسسات الدولية والأمم المتحدة والمنظمات الإقليمية والإتحاد الإفريقي والاتحاد الأوروبي وغيرها وحتى المؤسسات المالية يكون التعامل معها ضعيف جداً.

وهذا في تقديري يؤثر كثيراً على قدرات الدولة في أن تصمد لأكبر مدى ، لأن أحد أهم مطلوبات الدولة هو تماسكها وصمودها إلى آخر مدى ممكن لأنها هى التي تدعم الجيش.

وإذا حدثت بعض الهزات في الدولة بأن لم تكن قادرة على الايفاء بالمطلوبات الحتمية للمواطن وللعسكري على قدر المساواة ، وللأسف ليس هناك مبرر يفسر..لماذا لا يريد البرهان تشكيل حكومة حقيقية ذات استقلال كامل عن مجلس السيادة وقدرة على ممارسة العمل التنفيذي والعمل الدبلوماسي والسياسية الخارجية وبمنتهى الاستقلالية عن مجلس السيادة.

الإعيسر للإعلام.. هل هي "مكافأة".. أم محاولة لرؤية إعلامية بديلة؟!

 نعم هى (مكافأة) للاعيسر ..!

ويتفق الإعلامي كمال حامد فيما ذهب إليه الأستاذ عثمان ميرغني بان الحكومة تحتاج إلى إعادة نظر في خطابها الإعلامي والدبلوماسي والدليل على ذلك كما يقول كمال حامد في افاداته (لتسامح نيوز) أنها أجرت هذا التغيير في القطاعين الإعلامي والدبلوماسي.

وقال أنا هنا لا ارى أن الحكومة نجحت عسكرياً ، ولازال الناس يموتون بالمئات في قرى شرق الجزيرة الآمنة التي لا علاقة لها لا بدولة..ولا عسكر..ولا بحكومة ..ولا بفلول فإن لم توفر الحكومة الأمن للمواطنين فإنها لم تنجح لا عسكرياً ولا إعلامياً ولا دبلوماسيا .

والإعلامي خالد الاعيسر اخ عزيز كانت بيننا خلافات كبيرة أيام قناة النيلين ولكن تصالحنا وتصافينا وهو رجل نشط ، ويمكن أن يقوم بدور كبير في هذه الوزارة رغم أن البعض يعتقد أن هذه الوزارة كبيرة عليه ، وأعتقد أن تعيين الاعيسر في هذا المنصب هو مكافأة له لأنه أدى أداء قويا وطيباً في الفترة الأولى التي كانت تحتاج أمثال خالد الاعيسر .

٦ مليار لتجميل صورة (حميدتي):

الإعيسر للإعلام.. هل هي "مكافأة".. أم محاولة لرؤية إعلامية بديلة؟!

ونحن نعلم أن هناك شركة يهودية كندية تعاقد معها (حميدتي) بمبلغ (٦) مليون دولار سنوياً لتجميل صورته في العالم وهى لازالت تعمل ولديها (مجموعات) في كل القنوات ولذلك لم يجد إعلام المليشيا صعوبة في إيصال صوته عبر هذه القنوات لأن هناك جهود أخرى غير مرئية تقوم بهذا الدور ولا أعتقد أن هناك هزيمة نفسية للشعب السوداني تسبب فيها إعلام المليشيا لأن الشعب يعلم تماما كل الحقائق والأكاذيب التي يبثها إعلام المليشيا.

ويقول الإعلامي كمال حامد أن الإجراءات المطلوبة الآن وبشكل عاجل هو تشكيل حكومة لأنه ليس من المعقول أن يكون ثلاثة أو أربعة من أعضاء مجلس السيادة يقومون بكل مهام ومسوؤليات الحكومة فلابد أن تكون هناك حكومة مدنية (كاملة) وأنا هنا أشفق على الفريق البرهان فلا يعقل أن يقوم مجلس السيادة بالسفريات والافتتاحات والمشاركات في مناسبات العذاء

 خطاب إعلامي متأرجح:

وذهب الصحفي مزمل عبد الغفار في إتجاه أن (الملمح) الظاهر في خطاب الحكومة علي شكلها غير المكتمل من حيث الكابينة التنفيذية والسياسية بالتأكيد هو ملمح اقل مايوصف انه رمي بظلاله السالبة علي المنظومة الاعلامية برمتها .

ويبدو ان الخطاب الاعلامي للحكومة لا مكان له من حيث الاستقرار ولكنه متأرجحا (صعودا وهبوطا) وتغلب عليه لغة التبرير او الدفاع او الاعتزار كما ان عدم وضوح الخط السياسي للحكومة رمي أيضا بظلاله علي المنهج والخطاب الاعلامي فمعالجة هذه الملاحظات علي وجه السرعة تجعل من الخطاب الاعلامي اوقع واقوي ومؤثر ولابد من إعادة النظر في المنظومة بمجملها بما فيها الخطاب الاعلامي.

ويرى الأستاذ مزمل أن تعيين اعلامي بقامة خالد الاعيسر يعتبر تكريم لكل اهل الاعلام لكن واضح أن هذا الاعلام بوسائطه المختلفة ظل منذ فترة طويلة جذرا معزولة ويجبخ تجميعها عبر رؤية متكاملة ومتوافق عليها حتى ينهض الاعلام وليس للوزارة بمفردها ولا الوزبر بمفرده يستطيع يحقق نجاحاً

وفي ظني أن اعلام المليشيا نجح كثيراً من حيث الكم ولكنه من حيث المحتوي خاوي تماماً ومتناقض وبلا مضمون وكوادره تمارس التضليل على البسطاء ودون ما وعي مستقلين في ذلك امكانيات دويلة الشر .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى