
جدول المحتويات
هل فقدت القوى السياسية البوصلة؟!
الفترة الانتقالية تحتاج إلى (يد باطشة) لا تسمح بالفوضى..!
القوى السياسية ما بعد الحرب..ما بين رهان (الخارج)..وخيار الإنتخابات
تقرير _ هاشم عبد الفتاح
(تستبق القوى السياسية السودانية (خطواتها) للحاق بموسم اقتسام السلطة في مرحلة ما بعد الحرب ..وذلك عبر حراك كثيف متنوع ومتعدد الجوانب والجبهات وفي شكل قاءات ومبادرات واتصالات تقوم بها القوى السياسية وهى تهرول ما بين القاهرة وجنيف وعنتبي والدوحة وذاك في إتجاه الترتيب لما يسمى (بالمائدة المستديرة)..لكن يبدو أن الانقسامات والتباينات في المواقف والرؤى داخل هذه القوى تشكل عقبة كبرى في سبيل وحدة القوى السياسية السودانية ..البعض يعتقد أن القوى السياسية المدنية في السودان فقدت بوصلتها واضبحت (تائهة) ما بين العواصم العربية والإفريقية بعد أن صعب عليها اللقاء داخل السودان .في هذه المساحة نحاول تسليط الأضواء على طبيعة هذا الحراك .. وإلى أين تتجه (بوصلته) وتحالفاته..ونتائجه المرجوة في مرحلة ما بعد الحرب ..
وهل صحيح أن القوى السياسية السودانية.. لازالت تراهن على (رافعة) المكون الخارجي للعودة للسلطة.. أم أن خيارها فقط حدود صندوق الانتخابات ؟
وكيف يمكن أن تتشكل ملامح وطبيعة الحكم الانتقالي القادم على انقاض هذه الحرب واسقاطاتها على الواقع السوداني؟ ..ثم ما هى فرص نجاح مشروع (المائدة المستديرة) لتسوية الأزمة السودانية.
عزيزي القاري .. هذه بعض إفادات ورؤى وأفكار لبعض الخبراء والمراقبين للمشهد السوداني الذي تتحرك في إطاره بعض مكونات القوى السياسية السودانية تحت رعاية مصرية ).
تدخل غير حميد:
بداية تحدث الينا الخبير الاستراتيجي الدكتور أمين إسماعيل مجزوب المختص في مجال إدارة الأزمات قائلا :
في تقديري أن القوى السياسية السودانية تعاني الآن من مشكلة تحديد أهدافها من التحالفات سواء كانت تحالفات محلية أو إقليمية أو دولية ، وإذا افترضنا أن هذه القوى تتحرك وفق برنامج انتخابي يؤهلها في المستقبل لعرضه على الناخبين ، لكن واضح أن هذه القوى تتحرك الآن بردود الأفعال وأن كل تحركاتها في بوصلة طرفي الحرب ، وبالتالي فإن التدخل الذي تم لجمع القوى السياسية إقليميا أو حتى في أوروبا هو تدخل (غير حميد) لأنه في النهاية يقود إلى فواتير واجبة السداد في المستقبل
ومن الواضح أن تحرك القوى السياسية منحصر الآن فقط في كيفية إيقاف الحرب وأن تنال الرضاء من الحكومة القادمة ..
غياب البرنامج الإنتخابي:
وفي تقديري لا توجد الان في المشهد السياسي السوداني قوى مؤهلة بأن يكون لديها برنامج انتخابي ، أو برنامج ما بعد الحرب ، سواء كان برنامج للاعمار أو لإدارة الدولة بالاهداف أو برنامج للفترة الانتقالية أو حتى برنامج للتحالفات ، ولهذا فإن هذه القوى السياسية غير جاهزة للفترة الانتقالية .
وأعتقد أن التدخل الخارجي للوصول إلى السلطة أصبح صعب ، لأن العالم الآن مشغول بأزمات أخرى ، فيما تعتبر أزمة السودان هى (الأزمة المنسية) والعالم غير مستعد للتدخل في مستنقع جديد ، فهناك الأزمة الإسرائيلية الفلسطينية ، وأزمة روسيا واكرانيا ، وبالتالي الرهان على التدخل الخارجي (رهان خاسر) ، بعض القوى السياسية كانت تأمل أن يأتي من الخارج ما يزيح أعداءها بالداخل ، وهذا بالتأكيد لم يتحقق
أما قضية الإنتخابات فهى بالنسبة للقوى السياسية تعتبر (ترف) ، فهذه القوى منقسمة على نفسها فهناك (١٠٨) حزب سياسي مسجل في السودان وهذا في تقديري عدد كبير من شأنه أن يحدث اضطراب في أي دولة ولن يكون هناك (١٠٨) برنامج سياسي بل سيكون هناك تطابق كبير جداً في بعض البرامج ، وهذا فيه اذدواجية ويحدث اضطراب لدى الناخب ، ولن تكون الانتخابات مقبولة وبالتالي لا مستقبل لهذه الأحزاب . وأعتقد أن الانتخابات الآن هى حديث النخب فقط لكن الواقع يؤكد أن الواقت لازال مبكراً للقوى السياسية حتى تنظم نفسها بأن تضع برامجها وتقلص هذا العدد الكبير من الأحزاب حتى لا تصبح مهنة السياسة والتحزب مهنة من لا مهنة له ، لأن لدى مسجل الأحزاب الآن (١٠٨) حزب سياسي بجانب وجود (٨٤) حركة مسلحة وهذا لا يمكن من وجود معترك سياسي أو لعبة سياسية أو إنتخابات.
حكومة إدارة أهداف:
واتوقع أن تكون الحكومة القادمة حكومة كفاءات وطنية مستقلة ولديها برنامج أو حكومة (إدارة أهداف) وأي أمر غير ذلك سيكون خصما على السودان والعودة إلى الوراء ، فإذا الحرب اعادتنا عشرات السنين فإن الإدارة غير الموفقة للفترة الانتقالية ستعدينا إلى الوراء أكثر من عشرات السنين، وأعتقد أنه بالضرورة أن يكون هناك تمثيل للقوات النظامية في الحكومة الإنتقالية نتيجة للمهددات الدولية والإقليمية بأن تكون هناك توأمة بين الحكومة المدنية والنظام العسكري ولذلك لابد من وجود المكون العسكري بعد الحرب ويجب أن نضمن له وجود مقبول دستوريا وتشريعيا ، سواء عبر المشاركة في مجلس الوزراء أو المشاركة في مجلس الأمن والدفاع ، ويجب أن تشرع الحكومة الإنتقالية في تشكيل مفوضية للاحزاب على اسس جديدة وكذلك مفوضية السلام وقانون الإنتخابات والدستور الدائم ثم إجراء الانتخابات للوصول إلى الحكم المدني.
المائدة المستديرة:
وفيما يتعلق بمؤتمر المائدة المستديرة المتوقع، أكد الدكتور أمين أن أي مؤتمرات خارج الأطر التنظيمية لن تنجح ، ولايمكن الحديث عن مؤتمر مائدة مستديرة إلا من خلال الفترة الانتقالية ولدينا تجارب كثيرة في الستينات وفي أبريل ١٩٨٥ لأن كل المؤتمرات التي عقدت خارج السودان وخارج الأطر التنظيمية لم يكتب لها النجاح.
الآن لدينا مرارات الحرب ومرارات التحالفات آلتي تمت مع الدعم السريع ، بالإضافة إلى مرارات الثلاثين عاماً الماضية وايضا مرارات الاربعة سنوات الماضية للفترة الانتقالية غير الموفقة ، وأعتقد أنه بعد الحرب يجب أن يكون سودان جديد وبمفاهيم جديدة ، واقترح أن يكون هناك مشروع قومي يحدد مصلحة السودان ويحدد الآليات التي يحكم بها السودان .
لابد من (يد باطشة):
واستبعد الدكتور عصام بطران أستاذ العلوم السياسية بعدد من الجامعات السودانية في افاداته أن يكون هناك حل للأزمة السودانية ما لم يكن هناك توافق على إنشاء أحزاب سياسية بمعايير محددة ويعتقد أن الموجودة في السياسية الآن ليست أحزاب إنما هى مجموعة عصابات (وعواطلية) ومتسلقين وناشطين لا يفقهون شيئاً عن بناء الحزب أو تشكيله الهيكلي ولا يدركون كذلك الثوابت الوطنية ولوازم الحكم ، وأنا لأ اتوقع في مرحلة ما بعد الحرب أن يكون هناك بناء سياسي راشد ما لم تنظر هذه الأحزاب في تكوينها البنيوي والهيكلي وينشأ قانون جديد للاحزاب ينظم العملية الهيكلية للحزب وكيفية للممارسة السياسية .
وأعتقد أن الفترة القادمة تحتاج إلى قوى باطشة لا تسمح بأي فوضى وتوقف المعارضة الهدامة ومن ثمّ يبدأ البناء وأنا اتوقع أن تبسط القوات المسلحة سيطرتها بقوة بعد توقف الحرب لفترة قد تكون غير قصيرة وأتوقع أن تستمر القوى الهدامة في مزيد من العمالة والاتصال بالخارج وبالقوة الغربية وهذا بالتأكيد خصما على وحدة وتماسك السودان ، وخصما على الوطنية السودانية ، فالسياسي السوداني غالباً لا يتورع في تنفيذ اجندات غربية لصالح مصلحته الذاتية
فرص القوى السياسية:
ويقول البروف أحمد صباح الخير البرلماني السابق واحد ابرز الشخصيات المرشحة لمنصب رئيس الوزراء يقول هناك قوى سياسية متحالفة مع القوات المسلحة وتسمى بالقوى الوطنية وهى القوى الحقيقية الموجودة على الأرض داخل السودان ولها إتجاه وأحد وهو حسم هذه الحرب لصالح القوات المسلحة ، لأن هذا يعني وحدة السودان .
وأعتقد أن هذه القوى السياسية لها فرص كبيرة بأن تتمدد وتتحرك في كافة المجالات الداخلية وستكون هى الحاضنة الأساسية للحكومة في المرحلة المقبلة، أما القوى الأخرى (الخارجية) يبدو أنها أخذت منحى آخر وأصبحت تشكل الجناح السياسي للمليشيا بدليل تحركاتها الخارجية بقيادة (حمدوك)ومجموعته وفي ظني أن هذه المجموعة لم يعد لها مجال داخل السودان بحكم تحركاتها الخارجية ضد الحكومة وآخرها إجتماع (عينتبي) التي تدعو إلى تكوين (حكومة منفى) أو حكومة موازية لحكومة بورتسودان كما يزعمون وهذه إحدى الأفكار الخبيثة التي تقودها هذه المجموعة برعاية الإمارات ونفس هذه المجموعة هى التى سعت إلى تكوين ( حكومة موازية) داخل السودان بما يعرف بالسلطة المدنية في المناطق (المحررة) ولذلك أعتقد أن (تقدم) ليس لها فرصة سوى أن تتراجع عما قامت به وهذا الأمر يبدوا صعباً عليها لأن الجهات التي تمولها مثل الإمارات والإتحاد الأوروبي وبعض المنظمات الغربية المعادية للسودان .
الرهان على الخارج:
ويؤكد بروف صباح الخير أن القوى السياسية بقيادة حمدوك لازالت تراهن على المكون الخارجي للعودة إلى للسلطة ولو على ظهر دبابة أجنبية ويحاولون إيقاف سلاح الطيران السوداني وإدخال قوات اممية تحت غطاء البند السابع ويعولون كثيراً على الحلول الخارجية وتستخدم كل الأساليب للإطاحة بحكومة البرهان .
ولكن يجب تكوين حكومة انتقالية يقودها مستقلون (تكنوقراط) وهذا أمر متعارف عليه عالمياً وبالتالي لأ مفر من الحكومة الإنتقالية وحتى حكومة البرهان لا يمكن أن تكون انتقالية لإجراء عملية الإنتخابات .
وأنا أقول إن الفترة الانتقالية تعتبر فترة ذهبية للاحزاب حتى تبحث عن عضويتها وترتب بيتها من الداخل استعدادا للإنتخابات ، ويجب أن تكون لحكومة الفترة الانتقالية (واجبات)محددة عمرها ما بين عام إلى عامين .
أما بخصوص فرصل نجاح التحركات التي تجري الآن في إتجاه عقد مؤتمر (المائدة المستديرة) إبان البروف أحمد بأن هذه الفرص كبيرة ووصف هذه التحركات (بالحميدة) باعتبارها تجمع الصف ..ولكن يجب أن يسبقها حوار حقيقي حول قضايا الدستور والهوية ومحاربة خطاب الكراهية .ن
لعنة الإتفاق الاطاري:
أما القوى التي تقف على الضفة الاخرى تعدت مرحلة الجلوس مع الآخرين كما حدث في مرحلة الإتفاق الاطاري الذي (عزل) الآخرين فكان الفشل والتمهيد للحرب ولهذا فإن التحركات التي تنشط فيها (قحت) الآن محكوم عليها بالفشل لانه غير مرضي عنها ، أما التحركات التي تقوم بها القوى الوطنية المساندة للجيش هناك فرص كبيرة لنجاحها.