
محاولات الضغط والتأثير ..السودان يراهن على إحترافية محكمة العدل!
(الإمارات..والعدل في قاعة الامتحان القضائية)
لأدلة والشواهد (تحكم) قبضتها على رقاب (بني زايد) ..!
رغم محاولات الضغط والتأثير ..السودان يراهن على احترافية (المحكمة) ..!
تقرير/ هاشم عبد الفتاح
اتجهت أنظار السودانيين الخميس الماضي صوب مقر المحكمة الجنائية بلاهاي لمتابعة مجريات ومسارات أولى الجلسات (العلنية) في قضية شكوى السودان ضد دولة الإمارات لتورطها في إشعال الحرب وارتكاب جرائم إبادة جماعية وعرقية في السودان
حيث استمعت المحكمة إلى (مرافعة) السودان وحيثيات قضيته ضد المليشيا المتمردة وضد دولة الإمارات ، والتي “تضمنت جملة من البيانات التي تثبت تورط الإمارات في حرب السودان، من خلال تزويدها لمليشيا الدعم السريع المتمردة بالأسلحة والعتاد الحربي، مما مكنها من ارتكاب انتهاكات (جسيمة) وجرائم ابادة جماعية في غرب دارفور، وفي العديد من مناطق الحرب في السودان
في هذه المساحة نحاول نركيز الأضواء على مسارات هذه القضية ومدى عدالتها وشرعيتها من جانب السودان وإلى أي مدى يمكن أن تتأثر هذه المحكمة بالضغوط والمؤثرات الدولية والإقليمية ..وإلى أي مدى يراهن السودان على المحكمة الجنائية للاقتصاص من الجناة والمتهمين في هذه الحرب ..ولمزيد من الايضاحات تحدث لنا الدكتور عبده مختار الخبير القانوني والمحلل السياسي حيث قال :
قضية عادلة ..!
( أعتقد أن قضية السودان في المحكمة الجنائية الدولية قضية عادلة وحيثياتها واضحة وتم قبولها وسوف تنظر فيها المحكمة ..ومن حيث الناحية الإجرائية والبينات والأدلة للحكومة السودانية وللجيش فإن موقفها من الناحية القانونية واضح وقوي وليس فيه أي ثغرات ولذلك فهو موقف سليم ونتوقع أن تكون المحكمة في المستوى المهني والاحترافي وبالتالي الحكم لصالح السودان .
، لأنه لا توجد أي ثغرات تبرئ دولة الإمارات وبالتالي فإن الحكم من ناحية قضائية متوقع أن تصل فيه المحكمة للنهاية وتصدر قرارها ، ولكن ربما تكون المشكلة في تنفيذ القرار بسبب تدخلات القوى الدولية التي لها مصالح وتأثير كما شاهدنا ذلك في قضية الإحتلال الإسرائيلي والفظائع التي ارتكبها ضد الفلسطينيين رغم القرارات الدولية الصادرة من مجلس الأمن ضد إسرائيل
ولذلك نخشى أن تتكرر ذات السيناريوهات في السودان بأن تتم الإدانة للإمارات ولكن بلا تنفيذ وربما لم تكن هناك عقوبات على الإمارات بأن تعترضها جهات أخرى (بالفيتو) كما فعلت روسيا مع حكومة السودان فهذه مصالح وتحالفات معروفة وبالتالي لا نتوقع أن تسير العدالة للمدى الكامل ، ولكن نظريا موقف السودان واضح جداً .
الإدانة لا تكفي..!
ويرى الدكتور عبده مختار أن الإدانة وحدها لا تكفي في مقابل ما يحدث من انتهاكات وسقوط الضحايا من الشعب السوداني ولهذا لابد من قرار يمنع دولة الإمارات من توريد الأسلحة للمليشيا المتمردة ومعارضة أي جهة أو دولة تتعاون مع الإمارات في هذا الإتجاه لأنه ربما يكون هناك تحايل مع القرار عبر (وسيط) .
ونحن نعلم تماماً أن أمريكا حليف استراتيجي مع الإمارات وربما تسعى لعرقلة أي قرار ضد الإمارات خصوصاً بعد أن طبعت الإمارات علاقتها مع إسرائيل .
سقطة وزير العدل..!
أما بشأن ظهور وزير العدل السوداني السابق نصر الدين عبد الباري ضمن فريق الدفاع القانوني للإمارات أعتقد أن هذه سقطة كبيرة جدآ لأن الأدلة واضحة جداً ضد الإمارات فلا يحق له أن يقف في جانب الإمارات خاصةً أنه كان وزير في السودان فكان يجب أن يكون في صف السودان ولي الإمارات ، فكان الأفضل له الصمت ان لم يستطع قول الحقيقة بدلاً من أن يشوف سمعته وتاريخه بهذا الموقف غير اللايق .
وفي السياق ذاته وصف الدكتور إبراهيم الصديق الكاتب والمحلل السياسي قضية السودان ضد دولة الإمارات بمحكمة العدل الدولية (بالعادلة) بكل المقاييس لأن هذه الحرب من حيث بشاعتها غير مسبوقة في التاريخ الإنساني.
فهى حرب فيها الإبادة الجماعية والتجويع والقتل على أساس الهوية وحرب فيها التهجير القسري ونهب الممتلكات والاغتصاب والإذلال وحرب فيها كل شئ مهم في التاريخ الإنساني ولذلك القضية عادلة جداً وهى حرب استهدفت السودان في بنيته الأساسية وممتلكاته وثرواته وانسانه .
الرهان على الرأي العام..!
وأعتقد أن السودان لديه حجج قوية في هذه الحرب فالفريق القانوني السوداني في محكمة العدل الدولية قدم حجج قوية جداً وأشار فيها إلى دعم دولة الإمارات للمليشيا عسكريا وماديا ولوجستيا وكذلك من خلال التدريب والطائرات المسيرة وبكثير من المعينات العسكرية .
والسودان في هذه القضية يراهن علي الرأي العام وكل العالم يتحدث عن هذه القضية وراجع كل الفظاعات آلتي تمت في السودان في ٢٠٠٣ و٢٠٠٤ و٢٠٠٥ من قبل الدعم السريع وكذلك الإبادة الجماعية التي تمت للمساليت في غرب دارفور أكثر من (١٥) تم قتلهم في يوم واحد وتهجير اكثرم من (٢) مليون مواطن وقتل وإلي غرب دارفور وتم التمثيل بجثته فكل هذه الجرائم جعلت السودان يراهن على قضيته قانونياً .
البعد الإنساني في القضية ..!
ولكن أعتقد أن القضية لها بعد إنساني آخر غير الجانب القانوني باعتبار أن العالم كله وقف على هذه الفظاعات آلتي حدثت في السودان بخلاف القضية القانونية المثارة الآن في محكمة العدل الدولية .
وأنا في الحقيقة استمعت إلى عدد كبير من الخبراء الدوليين وكلهم يتحدثون عن أن القضية السودانية متماسكة بقدر كبير وفيها أدلة واضحة ومرجعيات أساسية موثقة ومن الأمم المتحدة نفسها ،
ومن الهلال الأحمر والصليب الأحمر ومن منظمات ومؤسسات كبرى صحفية وإعلامية ومن مصادر أخرى مختلفة لديها معلومات موثقة جداً وحتي القرارات الأمريكية وتصريحات الأمين العام للأمم المتحدة اتهمت شركات تعمل في الإمارات والامريكان ذكروا أرقام تسجيل هذه الشركات وتاريخ تسجيلها وأنشطتها وسركاؤها وبالتالي فهم يمتلكون معلومات كافية عنها ولذلك فهى قضية متكاملة وفيها كثير من المعلومات .
امتحان العدالة الدولية..!
أما مسألة إمكانية تعرض هذه المحكمة إلى ضغوط فهذه مسألة غير مهمة وانما المهم الآن أن العدالة الدولية في امتحان حقيقي ، وفي رائي أن المحكمة ستكون عادلة ولا يمكن لأي شخص أن يضغط على المحكمة بأن تعفو عن قاتل أو مدان بهذه البشاعة ، أما مشاركة نصر الدين عبد الباري وزير العدل السابق في حكومة حمدوك فهذا جانب من إشكالات الدفاع عن الإمارات.
ويبدو أن الإمارات تريد أن تحول مسار المحكمة من مسار قانوني إلى مسار سياسي ولكن المحكمة لا يمكن أن تنحرف إلى المسار السياسي فالمحكمة تنظر فقط للأدلة فهناك إتهامات وأدلة واضحة جداً مثل إنشاء مطارات في ام جرس وفي بحر الغزال ..كنا أن هناك مؤشرات كثيرة لدعم الإمارات للمليشيا وحتى خطاب الإمارات نفسه في هذه المحكمة هو خطاب سياسي فمثل هذه القضايا لا يمكن التعامل معها بخطاب سياسي فالسودان أرسل لهذه المحكمة وزير عدل وليس وزير خارجية.