اعتمد مجلس الأمن الدولي، الخميس، قرارًا يطالب قوات الدعم السريع بإنهاء حصارها لمدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، ووقف القتال فورًا وخفض التصعيد في المدينة ومحيطها.
وحظي القرار، الذي قدمته المملكة المتحدة، بتأييد 14 دولة، في حين امتنعت روسيا عن التصويت. ودعا القرار إلى سحب جميع المقاتلين من الفاشر، وضمان حماية المدنيين، بما في ذلك السماح لهم بالتنقل إلى مناطق أكثر أمانًا داخل المدينة وخارجها.
سبق اعتماد القرار مشاورات أعربت فيها روسيا عن اعتقادها بأن مشروع القرار يمثل رد فعل مبالغ فيه على الوضع في الفاشر والسودان بشكل عام، واقترحت إصدار بيان صحفي بدلاً من ذلك. كما اعترضت روسيا والصين ودول أخرى، بما فيها دول أفريقية، على النسخة الأولى من مشروع القرار خلال المشاورات الأولية.
وشدد القرار على ضرورة حماية جميع المدنيين وفقًا للقانون الدولي، وطلب من الأمين العام تقديم توصيات إضافية لحماية المدنيين في السودان، بالتشاور مع السلطات السودانية والجهات الإقليمية المعنية.
وكانت روسيا ودول اخرى قد طلبت أثناء المشاورات، حذف اشارة إلى دعوة الأمم المتحدة أو أي جهة محايدة أخرى لمراقبة وتنسيق الممرات الآمنة للمدنيين وانسحاب المقاومة دعا مجلس الأمن في قراره إلى التنفيذ الكامل لإعلان جدة بشأن الالتزام بحماية المدنيين في السودان، وطلب أن تسمح أطراف النزاع وتيسر المرور السريع والآمن وبدون عوائق والمطرد للإغاثة الإنسانية.
وأشار المجلس إلى التدابير التي اتخذتها السلطات السودانية، وحثها على مزيد من التعاون، وكرر دعوته لجميع الأطراف للعمل بشكل وثيق مع وكالات الأمم المتحدة والجهات الإنسانية الأخرى لضمان وصول المساعدات إلى المحتاجين، بموافقة مسبقة وتنسيق من السلطات السودانية.
كما دعا المجلس السلطات السودانية إلى إعادة فتح معبر أدري الحدودي لتسهيل إيصال المساعدات الإنسانية، وحث الأطراف على سحب المقاتلين حسب الضرورة للسماح بالأنشطة الزراعية طوال موسم الزرع وتجنب تفاقم خطر المجاعة.
عارضت روسيا معاملة الحكومة السودانية على قدم المساواة مع أي جهة سودانية أخرى في معالجة القضايا الإنسانية ومراقبة الحدود، في حين أكد بعض الأعضاء الآخرين خلال المشاورات على ضرورة أن يشير النص إلى جميع أطراف النزاع لتوسيع نطاق جميع الجهات الفاعلة اللازمة لتسهيل المساعدات الإنسانية.
واقترحت الصين وروسيا استبدال مصطلح “السلطات السودانية” بمصطلح “الحكومة السودانية”، إلا أن هذا الاقتراح لم يتم إدراجه في القرار النهائي.
وقالت سفيرة المملكة المتحدة لدى الأمم المتحدة، باربرا وودوارد، التي صاغت مسودة القرار، إن القرار يبعث رسالة واضحة بأن مجلس الأمن يطالب قوات الدعم السريع بوقف حصار الفاشر فورًا، وأن تتراجع جميع الأطراف عن حافة الهاوية، محذرة من أن الهجوم على المدينة سيكون كارثيًا على 1.5 مليون شخص لجأوا إليها.
وأكدت وودوارد أن القرار يهدف إلى المساعدة في تأمين وقف إطلاق نار محلي حول الفاشر، وتهيئة الظروف لتهدئة التصعيد في جميع أنحاء البلاد وإنقاذ الأرواح. وأشارت إلى أن القرار يطلب من الأمين العام تقديم توصيات بشأن دعم حماية المدنيين في السودان بناءً على جهود المساعي الحميدة القائمة والتفويض الحيوي لمبعوثه الشخصي إلى السودان، السيد رمطان لعمامرة.
وشددت السفيرة البريطانية على أن مجلس الأمن، من خلال اعتماد هذا القرار، يرسل إشارة قوية إلى أطراف النزاع بضرورة إنهاء هذا الصراع الوحشي والغاشم.
وفي سياق متصل، طالبت السفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة، ليندا توماس غرينفيلد، مجلس الأمن ببذل كل ما في وسعه لإنهاء القتال في السودان وتسهيل زيادة فورية في المساعدات الإنسانية على نطاق واسع للمحتاجين، مؤكدة أن هذا هو السبب وراء تصويت بلادها لصالح القرار.
وأضافت: “اجتمعنا اليوم للمطالبة بحماية المدنيين والسماح بتدفق المساعدات الإنسانية بحرية إلى دارفور وبأنحاء السودان وعبر الحدود وخطوط الصراع وفقًا للقانون الدولي. اجتمعنا أيضًا لدعوة جميع الدول الأعضاء للامتناع عن التدخل الخارجي في هذا الصراع، والذي إذا استمر، فلن يؤدي إلا إلى المزيد من عدم الاستقرار”.
وأكدت غرينفيلد على ضرورة وقف فوري للأعمال العدائية، مما يؤدي إلى حل مستدام لهذا الصراع. وحذرت من أنه إذا لم تحترم الأطراف المتحاربة القانون الدولي الإنساني ولم تسهل الوصول الإنساني، فيجب على مجلس الأمن اتخاذ إجراءات لضمان تسليم وتوزيع المساعدات المنقذة للحياة من خلال النظر في جميع الأدوات المتاحة له.
وأشارت إلى أن السودان أصبح أسوأ أزمة إنسانية في العالم، لكن المجتمع الدولي تجاهل هذه الأزمة لفترة طويلة، قائلة: “الشعب السوداني لاحظ الصمت والتقاعس وشعر بهما”. وأضافت: “سنراقب عن كثب، وإذا لم يتغير الوضع على الأرض للأفضل، فيجب على هذا المجلس اتخاذ المزيد من الإجراءات”.
من جانبها، قالت نائبة السفير الروسي لدى الأمم المتحدة، آنا يفستيغنييفا، إن امتناع بلادها عن التصويت على مشروع القرار يرجع إلى تناقضه مع الحقائق على الأرض وتجاهله “تعليقات السودانيين أنفسهم”. وأشارت إلى أن الوضع في الفاشر هو مجرد ذريعة وأنه من الصعب تحديد الهدف من القرار.
وأكدت يفستيغنييفا أن بلادها لا يمكن أن توافق على توجيه الدعوة لجميع الأطراف السودانية لضمان الوصول الإنساني بما في ذلك الوصول عبر الحدود، قائلة: “نلفت انتباه أعضاء المجلس إلى أن السيطرة على الحدود الوطنية والعبور الحدودي لأي بضائع، هما مسألة سيادية للسلطات التي تتولى المسؤولية”. وأضافت أن أي محاولة لفرض إعفاءات مصطنعة من هذا المبدأ أو إحالة هذه الصلاحيات لأطراف من غير الدولة، تعد تعديًا واضحًا على سيادة السودان وسلامة أراضيه.
ودعت يفستيغنييفا “بعض أعضاء المجلس” إلى التوقف عن التخفي وراء أهداف نبيلة تتمثل في دخول المساعدات الإنسانية إلى السودان، من أجل الترويج لأجنداتها غير البناءة. كما دعت إلى عدم المبالغة في وصف مشكلة انعدام الأمن الغذائي في السودان، وفيما أقرت بوجود مشاكل مرتبطة بالغذاء، قالت إنها ليست ناجمة عن قلة الإمدادات الغذائية، ولكن عن صعوبة توزيعها في بعض المناطق بالإضافة إلى الوضع المالي للسكان.